إن المؤتمر الوطني التأسيسي للنقابة الوطنية للفلاحين التابعة للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي – الاتحاد المغربي للشغل، المنعقد يوم الأحد فاتح يوليوز2018 بمقر الاتحاد المغربي للشغل بالرباط، تحت شعار:“نقابة وطنية للفلاحين قوية وديمقراطية للدفاع عن كرامتهم وحقوقهم ومطالبهم والسيادة الغذائية لبلادنا”،
بعد وقوفه على واقع البادية المغربية وأوضاع الفلاحين وعموم الشرائح الاجتماعية الشعبية بها والتي تعاني من التهميش الاجتماعي وحيف السياسات العمومية الطبقية، ومن نتائج اتفاقيات مجحفة للتبادل الحر بين بلادنا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، ومن تملص الدولة من مسؤولياتها في توفير الحد الأدنى من الخدمات العمومية؛
وبعد وقوفه على الدور المحوري للفلاح الكادح في الحفاظ على التنوع البيولوجي وتأمين الغذاء لشعبنا وفي تحقيق السيادة الغذائية المنشودة، واستحضاره للنضالات المتفرقة والعفوية في أحيان كثيرة للفلاحين والفلاحات من أجل حقهم في الأرض والماء ووسائل الإنتاج الأخرى، ولمختلف النضالات الشعبية ضد التمييز والتهميش والحرمان من أبسط الحقوق الأساسية ومن أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع المواطنين نساء ورجالا؛
وبعد مصادقته على التقرير المقدم إليه من اللجنة التحضيرية ومشروع القانون الأساسي ومشاريع المقررات والتوصيات؛ يسجل ما يلي:
1/على الصعيد الدولي والإقليمي:
- استمرار هيمنة الرأسمال العالمي ومؤسساته المالية على ثروات الشعوب وعلى قرارها الوطني، وتصريفه لأزماته المتعاقبة على حساب الشعوب والسلم والبيئة العالميين.
- تواصل العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني بدعم من الامبريالية الغربية ومباركة ضمنية من طرف الأنظمة العربية العميلة، وتكريس استعمار فلسطين بنقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القدس واعتبارها عاصمة للكيان الصهيوني، وسقوط آلاف الضحايا بين شهيد وجريح بعد الانخراط الواسع للشعب الفلسطيني بمختلف أطيافه في مسيرات العودة ومخيمات التماس التي نظمتها حركات المقاومة الفلسطينية إحياء للذكرى 70 للنكبة.
- تفاقم الآثار السلبية للاتفاقيات الخاصة بمنظمة التجارة العالمية ولإملاءات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، والتي تعيق كل تنمية حقيقية وتكرس التبعية الاقتصادية وترهن مستقبل الشعوب لمصلحة الشركات المتعددة الاستيطان.
- تنامي مقاومة الفلاحين المناهضة للعولمة الليبرالية المتوحشة، والانخراط الواسع لمنظمات وحركات الفلاحين والسكان الأصليين والنساء القرويات في النضال العالمي من أجل تحقيق السيادة الغذائية وحماية البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي من خلال نضالات ومبادرات منظمة طريق المزارعين الدولية (لافيا كامبسينا) والتي نعتز بانتماء جامعتنا إليها.
2/على الصعيد الوطني وفي البادية المغربية، يسجل المؤتمر بالأساس:
- استمرار نفس الاختيارات الاقتصادية والتنموية التبعية الفاشلة، وتنصل الدولة من مسؤولياتها الاجتماعية، ومواصلة تصريفها للأزمات المترتبة عن هذه الاختيارات على حساب الطبقات الشعبية مع الترويج لشعارات ديماغوجية حول التنمية البشرية والنهوض بالعالم القروي وغيرها.
- الاعتماد المتنامي للفلاحة التصديرية، ضدا على أنماط الإنتاج البيولوجية والمحلية، دون أي اكتراث بالبيئة، ودون أن ينتج عن هذه السياسة أي تحسن في دخل وظروف عيش ساكنة البوادي، إضافة إلى تركيز الأراضي الفلاحية في أيدي كبار الملاكين العقاريين واحتكار مصادر المياه والتمويل في يد المحظوظين واللوبيات الواضعة لهذه السياسيات والساهرة على فرضها عبر مؤسسات “تمثيلية” و”تنفيذية” شكلت أساسا لخدمة مصالحها.
- تدهور أوضاع البادية المغربية، وتنامي النضال الشعبي عبر مختلف ربوع البلاد ضد السياسات الحكومية اللاشعبية ومن أجل المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع المواطنين نساء ورجالا؛ نضالات تتم مواجهتها بمختلف أنواع القمع عوض الحوار والتفاعل الإيجابي معها. ولعل آخر تجليات هذه المقاومة هي حملة المقاطعة الشعبية التي تعرفها بعض المنتوجات كتعبير جماهيري عن رفض الاحتكار والجمع البعض ما بين الثروة والسياسة.
3/ بخصوص أوضاع الفلاحين يسجل المؤتمر:
- فشل السياسات الحكومية في المجال الفلاحي منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، وآخرها “مخطط المغرب الأخضر”، سياسات لم تراع مصالح الفلاحين الكادحين، ورهنت السيادة الغذائية لشعبنا عبر تحييد الفلاحين الصغار عن إنتاج المحاصيل الأساسية للغذاء من حبوب وقطاني وتوجيه الإنتاج نحو الزراعات التصديرية.
- سيطرة الملاكين الكبار على الأراضي الخصبة وجل منابع المياه، واستفادتهم من التمويل العمومي والخاص لخدمة الفلاحة التصديرية، واستحواذهم على القسط الأكبر من الدعم الحكومي الموجه للفلاحة الوطنية في إطار الدعامة الأولى لمخطط المغرب الأخضر.
4/وعليه واعتبارا لما سبق فإن المؤتمر التأسيسي للنقابة الوطنية للفلاحين التابعة للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي – الاتحاد المغربي للشغل:
- يطالب بالنهوض بواقع البادية المغربية في إطار سياسة تنموية شاملة ومستدامة، تضعها وتنفذها مؤسسات وطنية ديمقراطية تمثل الإرادة الشعبية من خلال انتخابات حرة ونزيهة على قاعدة دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا.
- يطالب بإصلاح زراعي ديمقراطي يمكن الفلاحين الكادحين من الأرض والماء وسائر وسائل الإنتاج.
- يعتز بنضالات الفلاحين في مختلف مناطق المغرب، من أجل حقوقهم الأساسية، رغم تفرقها في الزمان والمكان وضعف تأطيرها واستثمارها.
- يؤكد مضامين المقرر المطلبي الصادر عن هذا المؤتمر ويلتزم بالنضال والترافع من أجلها لدى مختلف الجهات المعنية بهدف الاستجابة لكافة المطالب، داعيا إلى فتح حوار مجتمعي في شأنها.
- يطالب بتعديل القوانين المنظمة للحماية الاجتماعية وخصوصا المؤطرة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بغية تمكين الفلاحين وذوي حقوقهم من مختلف الخدمات الاجتماعية التي يخولها الصندوق للمنخرطين، وفي مقدمتها التأمين على المرض والمعاش والتعويضات العائلية…
وعلى الصعيد العام الوطني والدولي فإن المؤتمر يعبر عن:
- مطالبته بالإفراج الفوري على قادة حراك الريف، معتبرا الأحكام الصادرة ضدهم أحكام قاسية، مؤكدا مساندته المطلقة لجميع النضالات التي تخوضها الجماهير الشعبية من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والديمقراطية، وفي طليعتها الحراك الشعبي في الريف وجرادة وسائر المناطق المهمشة ببلادنا.
- تأكيده على ضرورة تفعيل ترسيم اللغة الأمازيغية عبر إصدار القانون حول الترسيم واتخاد كافة الإجراءات الكفيلة بالنهوض بالثقافة الأمازيغية.
- إدانته الصارخة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، ومساندته لمختلف أشكال مقاومة الشعب الفلسطيني للاستعمار الصهيوني ولنضاله المتواصل مند عقود من أجل تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وحقه في العودة إلى أراضيه المغتصبة.
- مساندته لكافة شعوب المغرب الكبير والمنطقة العربية وإفريقيا والعالم في نضالها من أجل التحرر من الهيمنة الامبريالية والتخلص من الفساد والاستبداد وبناء الديمقراطية.
وفي الختام فإن المؤتمر الوطني التأسيسي للنقابة الوطنية للفلاحين يدعو عموم الفلاحين والفلاحات إلى بناء وحدتهم النقابية في إطار النقابة الوطنية للفلاحين التابعة للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي ـ الاتحاد المغربي للشغل، من أجل فرض الاستجابة لمطالبهم الخاصة وتحقيق طموحاتهم المشروعة، والمساهمة في تحقيق السيادة الغذائية لشعبنا، وفي بناء مغرب ديمقراطي ينعم أبناؤه وبناته، بالكرامة والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وكل حقوق الإنسان.
الرباط في فاتح يوليوز 2018