آخر الأخبار
الرئيسية » المستجدات » الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل في استجواب مع الأحداث المغربية

الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل في استجواب مع الأحداث المغربية

يؤكد المواقف الثابتة للإتحاد المغربي للشغل حول الحريات النقابية والمطالب العادلة و المشروعة لعموم المأجورين.

 ** بعد مرور تسعة أشهر على تنصيب حكومة عبد الإله بن كيران، من موقعكم كمسؤول نقابي، ماهو تقييكم لأدائها من الناحية الاجتماعية؟

 لقد مرت تسعة أشهر على تنصيب حكومة عبد الإله بن كيران، ونحن في الاتحاد المغربي للشغل نحكم على الأفعال ولا نحكم أبدا على النوايا، فحينما أعلنت الحكومة عن تفاصيل تصريحهاأمام البرلمان، قمنا بتسجيله مع الوقوف عند الالتزامات التي جاءت فيه، حيث من عادة نقابتنا أن تصدر بلاغا، بعد مرور 100 يوم عن تنصيب الحكومة، وبعد هذه المدة قمنا بعملية تقييم أولي لحصيلة العمل الحكومي، فاستخلصنا أن لاشىء يذكر قد تحقق من الالتزامات التي أخذتها الحكومة على عاتقها والتزمت بها في تصريحها، وخاصة على المستوى الاجتماعي، لأن ما يهمنا هو تحسين الأوضاع المادية والاجتماعية وظروف العمل لعموم الطبقة الشغيلة المغربية، وها نحن اليوم وبعد مرور تسعة أشهر على التدبير الحكومي، فاعتبارنا منظمة نقابية، فإن هذا العمل يجعلنا في صلب السياسة، فقد طرحنا على أنفسنا بعد هذه المدة سؤال ماذا تغير في أوضاع الطبقة العاملة وفي ظروف معيشتها؟، فلم نر سوى ارتفاع الأسعار، الذي ألهب جيوب الطبقة العاملة والجماهير الشعبية، تدني وتدهور القدرة الشرائية وتجميد الأجور، كل هذه الأمور مجتمعة تؤشر على عدم وجود أي تغيير ملموس له تأثير مباشر على معيش الشغيلة، بل أكثر من هذا في مجال الحريات النقابية التي نعتبرها في الاتحاد المغربي للشغل من أولى الأولويات في مطالبنا، لأننا باختصار نعتبر الحرية النقابية، أو العمل النقابي من الحريات الأساسية، وبالتالي لاحظنا أن هذا الحق أصبح يداس بدون حسيب ولا رقيب، كما لمسنا أن العمل النقابي أصبح يعتبر من طرف بعض أرباب العمل وبعض الادارات خطأ يعاقب عليه النقابيون بالطرد، بل أكثر من ذلك يتعرضون لمتابعات قضائية والحكم عليهم بأحكام، وهذا يتنافى والخطاب الرسمي، الذي تروج له الحكومة بضمان ممارسة الحريات العامة ومن هذه الحريات الحق النقابي، وبالخصوص في ظل دستور جديد، ساهمنا فيه كحركة نقابية وأرسينا فيه مجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ضمانا وصيانة لحقوق الطبقة العاملة، فهذه هي السمات التي تميز الحقل الاجتماعي في الفترة الراهنة، وكذلك الخلاصات الأولى التي يمكن أن نستشفها.

** هذا على المستوى الاجتماعي، فماذا عن المستوى السياسي؟

أما على المستوى السياسي، وحتى وإن كنا منظمة نقابية مستقلة عن الأحزاب السياسية مع ضمان الحرية لمنخرطينا الانتماء إلى أي حزب يتناسب وهويتهم الفكرية، لكن هذا لا يمنع من أن يكون لنا موقف سياسي أو مواقف سياسية، فنحن نريد ديموقراطية حقيقية، كما نرغب أن تكون الكلمة الأولى للقانون، إلا أنه، على الرغم من ذلك، نلاحظ أنه لم تطرأ تغييرات كبيرة على المستوى السياسي، وخصوصا عدد من الأوراش السياسية، التي كان الكل ينتظرها، ولا سيما في مجال تطبيق آليات القوانين الاجتماعية، وكذلك دمقرطة الادارة، فالديموقراطية بالنسبة لنا ليست تلك الكلمة الفضفاضة، أو تلك المفردة التي تكررت لعدة مرات في الدستور، أو في القوانين التنظيمية، ولكن الديموقراطية، التي تعنييا، هي تلك الممارسة اليومية، التي تحترم القانون وتعمل به، أي أن يكون للشعب كلمته على المستوى السياسي. هذا على مستوى أول، وعلى مستوى ثان، نتأسف عندما نرى عدم الانسجام الذي يطبع مكونات الحكومة، حيث أن بعض الوزراء، الذين يفترض فيهم أن يكونوا متماسكين ومتضامنين، نجد أنهم يدلون بتصريحات متناقضة، وهذا لايليق بفريق حكومي الذي يجب أن يكون موحدا ومنسجما ويعبر عن مواقف تابتة، هذا بالنسبة للحكومة، أما بالنسبة للمعارضة، فنرى التراشق بين الأغلبية والمعارضة بشكل لا يرقى إلى مستوى السياسة في بعدها النبيل.

** في اعتقادكم إلى أي حد يمكن أن نقول أن حكومة عبد الإله بن كيران سائرة على درب تنزيل الدستور؟

في اعتقادي، فالدستور ما يزال في بداية سكة التنزيل، والأشياء المهمة لا تزال معلقة، فنلاحظ أن كل القوانين التنظيمية، لتنزيل المؤسسات التي جاء به الدستور الجديد، لم تر إلى حد الساعة في مجملها النور، فمثلا خلق هيئات المجتمع المدني وكذلك المجلس الأعلي للشباب، أضف إلى ذلك هيئة المناصفة، إلى آخره من الإبداعات الجديدة التي تضمنها الدستور، فهي لا تزال معلقة، وبالتالي فنحن نتمنى من الحكومة أن تعمل على تنزيل الدستور تنزيلا سليما وصحيحا، لأننا في الاتحاد المغربي للشغل صوتنا على الدستور كاملا، ولذلك نريد أن يكون تنزيله شاملا لكل المستجدات التي حملها بين طياته، وإلا سيبقى هذا الدستور معطلا في جزء منه أو أجزاء وهذا غير معقول.

** نعود إلى الحوار الاجتماعي، جمعكم في بداية الأسبوع الماضي، لقاء تشاوريا مع رئيس الحكومة استعدادا للدخول الاجتماعي. ماهو الجديد الذي جاء به هذا اللقاء بخصوص الحوار؟

نحن متعودون على مثل هذا اللقاءات منذ أن كان عزالدين العراقي وزيرا أولا، وبعده كريم العمراني وعبد اللطيف الفيلالي ، ثم في المرحلة التي كان فيها إدريس البصري هو الذي يترأس الحوار، وبعد ذلك عبد الرحمان اليوسفي إلى أخره، فدائما كان الاتحاد المغربي للشغل، في كل لقاء ينبه رئيس الحكومة، بأن يكون الحوار جادا ومسؤولا، لأن حوارا من أجل الدردشة، أو من أجل استهلاك الوقت، أو قصد امتصاص غضب الطبقة العاملة، في ظل أجواء مشحونة، ليس له معنى، وبالتالي ليس هناك أي جديد من خلال اللقاء الأخير برئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، فقد قال لنا أنه يريد أن يحضر معنا منهجية للحوار، فنحن نظن أن أطراف الانتاج قد راكمت ما يكفي من التجربة في المجال للدخول في مفاوضات حقيقية تجيب عن انتظارات الطبقة العاملة، وبالتالي لا جديد على هذا المستوى، فوفد الاتحاد المغربي للشغل، استغل هذه الفرصة للتذكير بمطلبين أساسيين، مطلب الحريات النقابية، كما قلتم لكم سابقا، تنتهك وتداس على مرأى ومسمع السلطات العمومية وفي خرق سافر للقانون وأغلب الضحايا من النقابيين، دنبهم الوحيد لأنهم طالبوا بتطبيق مدونة الشغل والقوانين الاجتماعية، والمحور الثاني، الذي طرحناه، هو تذكير رئيس الحكومة بقضايانا في ما يخص الزيادة في الأجور والتخفيف من الضغط الجبائي وتحسين معاشات التقاعد وفتح حوارات قطاعية من أجل النهوض بقضايا الطبقات العاملة.

** قلتم بعد خروجكم من الاجتماع الذي جمعكم برئيس الحكومة، أن هذا الاجتماع يأتي في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، هل يعني أنكم ستقدمون تنازلات لمواجهة الأزمة وذلك على حساب الشغيلة؟

أنا لم أصرح بأن هذا اللقاء يأتي في ظروف اقتصادية صعبة، ربما قالها آخرون ينتمون إلى فروع نقابية أخرى، كل ما أقوله أن الطبقة العاملة المغربية والجماهيرالشعبية بصفة عامة ليس من حقها أن تؤدي فاتورة الأزمة الاقتصادية، التي يصرح بها المسؤولون السياسيون في هذا البلد، وقلت وأكدت أن المغرب ليس بالبلد الفقير، بل بالعكس من ذلك فهو بلد غني، ولكن خيراته تستغلها حفنة من المحظوظين، وبالتالي فلا بد من إعادة توزيع خيرات بشكل عادل ومنصف، وللتوضيح أكثر نعطي مثالا بسيطا في هذا الباب بصندوق المقاصة، الذي يستفيد من مخصصاته الأغنياء أكثر من الفقراء، وهناك مثال آخر في هذا الاتجاه، ويتعلق الأمر بصندوق الايداع والتدبير، حيث أن القانون يفرض بأن تعود جميع مدخرات العاملين والمأجورين الموضوعة في صناديق التقاعد إلى هذا الصندوق، وبالتالي نجد أنه يصرف أموال الطبقات العاملة في مشاريع للبدخ وفي بناء فنادق فوق المصنفة وملاعب للغولف، فقد قمت فقط بسرد هاذين المثالين على سيبيل المثال، لاعلى سيبل الحصر، لأوضح إلى أي حد سوء التسيير يتحكم في خيرات البلاد، فنحن أكبر دولة منتجة ومصدرة للذهب الأبيض، أي الفوسفاط، ورغم هذه الريادة في المجال، فإن ذلك لاينعكس على المعيش اليومي للمغاربة البسطاء.

** بعد الرسالة الاطار التي وجهها ابن كيران لأعضاء حكومته والتي دعاهم فيها إلى الالتزام بالنفقات في حدها الأدنى أثناء الإعداد لمشروع قانون مالية سنة 2013، ومؤخرا وزير المالية صرح أنه لازيادة في أجورالموظفين. ماهي حظوظ الحوار الاجتماعي في ظل هذه الإجراءات التقشفية؟

* هذا في ما يخص التصريحات التي يروج لها بعض أعضاء الحكومة، والتي مفادها أن قانون المالية للسنة المقبلة سيكون من السنوات العجاف، ووزير المالية صرح أنه لا زيادة في أجور الموظفين، فهذا التصريح لا يلزم إلا الوزير، ولكن نحن كممثلين للطبقة العاملة، دوورنا الأساسي يكمن في الدفاع عن حقوقها وتحسين ظروف عيشها بالنهوض بظروف وشروط العمل، فكيف يفسر المسؤول الحكومي في الوظيفة العمومية، أن هناك رواتب تقل عن الحد الأدنى للأجر؟، وكيف يمكن له أن يشرح أنه في مجموعة من القطاعات الأجور تقل عنه، أو تتجاوزه بقليل؟، فإذا كانوا يتعذرعون في عدم الزيادة في الأجور، بالزيادة الأخيرة، التي جاءت في اتفاق 26 أبريل 2011، فإن هذه الزيادة، ماهي إلا استدارك لما ضاع خلال سنوات طويلة للموظفين، حيث كان تجميد الأجور هو شعار الحكومات على المستوى، إذن فمطالبنا ما تزال قائمة ودورنا في تحسين الأوضاع سواء في القطاع العام أو الخاص سيتواصل حتى ننتزع الحقوق المشروعة للطبقة العاملة بصفة عامة، ومن ناحية المنهجية، على الحكومة أن تخوض الحوار على مستويين، المستوى الأول يهم المفاوظات العامة والتي يجب أن ينكب على ايجاد حلول للقضايا التي تعني الجميع، كإصلاح صناديق التقاعد، التي بات يتهدد بعضها خطر الإفلاس، والأمر نفسه ينطلي على صندوق المقاصة والنظام الجبائي إلي غير ذلك من الأمور، و هناك مستوى ثان، وهو الذي يتعلق بالمفاوضات القطاعية، فمثلا في القطاع البنكي، لايمنع أن تكون هناك مفاوضات قطاعية، نفس الشىء ينطبق على القطاعات الأخرى كقطاع الحديد والكيماويات، وكذلك القطاعات التي تشكو من السيولة، كقطاع النسيج الذي يعرف أزمة، فكل هذا المجالات تحتاج إلى حوارات قطاعية لحل مشاكل كل قطاع بمعزل عن القطاع الآخر.

** اليوم لا أحد يخف أن هناك أزمة. الحكومة تحاول مواجتها في حدد الامكانيات المتوفرة وبالمقابل النقابات تتمسك بمطالبها، هل أنتم مستعدون لتقديم تنازلات حتى تمر العاصفة؟

* نحن في الاتحاد المغربي للشغل، لا أحد يمكن أن يتزايد علينا في ارتباطنا بالوطن، فكلما استدعت مصلحة الوطن تقديم تضحيات، إلا وكنا السباقين، ولكن في ما يخص أوضاع الشغيلة المغربية، فحينما يكون هناك توزيع عادل لخيرات البلاد، فبالطبع يجب أن يسود التضامن من أصل مصلحة البلاد، ولكن عندما ترى ثورات اجتماعية كبيرة، وتسمع عن مدارء بعض المؤسسات العمومية وبعض الموظفين يتقاضون عشرات المرات الحد الأدنى للأجر، إضافة إلى الامتيازات التي يتمتعون بها، كيف يمكن لنا أن نقدم تنازلات، تمنينا من الحكومة الحالية بعد تنصيبها أن تكون لها مجموعة من القرارات الجاهزة، كما تفعل الحكومات في جميع الدول الديموقراطية، مثلا أن تقوم بتخفيض الأجور العالية في المؤسسات العمومية إلى مستويات معقولة، فعلى سبيل المثال نأخذ موظفا كبيرا يتقاضي 70مليون سنيتم شهريا ويتوفر ْعلى أكثر من سيارة للخدمة، بالاضافة إلى الامتيازات التي لا حصر لها ولاعدد، فكيف يمكننا في ظل هذه الأوضاع أن نقدم تضحيات، هناك اختلال في توزيع الثروات وعلى الحكومة أن تعمل على إعادة هذا التوازن، فالتضحية، إذا تطلبها الوطن فيجب أن تطال الجميع، ولا تكون انتقائية تقتصر على الفقراء دون الأغنياء.

** من القرارت التي أقدمت عليها حكومة بن كيران الزيادة في أسعار المحروقات. ما تقييكم لهذا القرار ومدى تداعياته على القدرة الشرائية للمواطنين؟

بالنسبة للقرار الذي اتخذته حكومة بن كيران، والقاضي بالزيادة في أسعار المحروقات، لازلنا نعتبره قرارا مرفوضا، وقد أصدر الاتحاد المغربي للشغل حينها بلاغا ندد فيه بهذه الزيادة، وطالب الحكومة بالتراجع عنها، لأن أول ضحية، هي الفئات الشعبية الفقيرة والطبقة العاملة في مقدمتها، الذين يؤدون في النهاية هذه الزيادة، فالأمرهنا يتعلق بدورة كاملة، فالزيادة في ثمن المحروقات ستؤدي أتوماتيكيا في ارتفاع أسعار كل مواد الاستهلاك، ففي البداية، كنا نتمنى بأن لا يكون أول قرار للحكومة الجديدة من هذا الحجم، هذا في الوقت الذي كنا نترقب فيه، أو بالأحرى ننتظر أن أول قرار سيكون ايجابيا يجيب عن تطلعات الطبقات المحتاجة، وبالتالي فنحن نددنا وسنبقى نندد بهذه الزيادة التي ضربت القدرة الشرائية للطبقات العاملة.

** من المقترحات التي جاء بها ابن كيران خلال اللقاءات التشاورية مع النقابات، أن تجتمع اللجنة الدائمة كل شهرين، أو كلما دعت الضرورة إلى ذلك، ما القيمة المضافة التي ستضيفها اجتماعات هذه اللجنة للحوار الاجتماعي؟

* هذه اللجنة ليست بالجديدة، الجديد الذي جاء به رئيس الحكومة على هذا المستوى، هو أن تنعقد هذه اللجنة كل شهرين، أو كلما استدعت الضرورة ذلك لمناقشة القضايا الراهنة أو الطارئة، وبالتالي فالحكومة يجب أن تتحمل مسؤوليتها في كل القضايا، وذلك باستشارة مع الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين، أما بخصوص اجتماعات هذه الألية، حتى وإن تمت، ففي اعتقادنا، ستكون فقط للدردشة ولن تكون لها الفعالية لحل المشاكل المزمنة التي تتخبط فيها الطبقة الشغيلة بصفة عامة. فماذا نطالب من حكومة عبد الإله بن كيران؟. فمن جملة مطالبنا، هو أن تسهر على تطبيق قانون الشغل في الوحدات الانتاجية، وذلك بعدما أصبحت عدد من القطاعات المهنية لا تحترم هذا القانون، حيث يتم استغلال العاملين والعاملات بطريقة بشعة دون أدى احترام للقانون، الذي ينظم العلاقة بين الأجير والمشغل، وفي الأخير يتم الزج بهم إلى التهميش والاقصاء، والأمثلة كثيرة وعديدة في هذا الباب، ولا داعي لذكرها، فهذا كل ما نريده من الحكومة.

** وماذا عن مأسسة الحوار الاجتماعي؟

* في ما يتعلق بهذه النقطة، لقد سبق لنا ان اتفقنا مع الحكومات السابقة، وكان هذا اقتراح من الاتحاد المغربي للشغل، بأن تكون هناك جولتين للحوار الإجتماعي المركزي على الأقل، الأولى تتزامن مع الدخول الاجتماعي، أي أن تكون في شهر شتنبر، لماذا هذا التوقيت بالذات؟ لكي تتاح للحركات النقابية المناسبة لتساهم في تحضير مشروع قانون المالية، وبالتالي يتسنى لها أن تدافع عن مطالبها، ومن خلال هذا الحوار، أوجه نداء إلى الحكومة بأن تعمل على تقليص الضريبة على الدخل لعموم المأجوين، لأنهم الشريحة الوحيدة، التي تؤدى ما عليها من ضرائب بدون تملص ولا تهرب جبائي، إذن طالبنا بعقد اجتماع في شهر شتنبر من أجل مشاركة الحركة النقابية في تحضير القانون المالي، وأن تكون دورة أخرى في شهر أبريل، من أجل، كما جرت العادة في جميع دول العالم، التفاوض حول الاجراءات الإجتماعية التي تم الاتفاق حولها، وبالتالي يتم تقديمها كهدية للطبقة العاملة في عيدها السنوي، في فاتح ماي، وعندما أقول الإجراءات الإجتماعية، لا يعني بالضرورة ذلك دائما الزيادة في الأجور، هناك مجموعة من الإجراءت التي ليس لها انعكاس مالي، ويمكن تطبيقها أن يحسن من المناخ الاجتماعي ومن العلاقات المهنية داخل عالم الشغل. إذن فهذه هي المأسسة التي اتفقنا عليها.

** قلتم أن هناك اجراءات ليس انعكاس مالي. ماذا تقصدون بذلك؟

* أكبر مثال على ذلك، هو الحريات النقابية، فما تضمنه الدستور أن المغرب صادق على كل اتقاقيات منظمة العمل الدولية، هناك الاتقافية 98 و 135والاتفاقية 87 المتعلقة بالحريات النقابية وحماية الممثلين النقابيين، فهذه الاتفاقية، لاتكلف خزينة الدولة حتى درهم واحد، فإذا سهرت الحكومة على تطبيق هذه المعايير الدولية، التي هي حق من حقوق الانسان، فإن ذلك لا يكلفها شىء، إذن فنحن في الاتحاد المغربي للشغل، الحق النقابي بالنسبة لنا مقدس، نفس الشيء ينطبق كذلك على صندوق التعويض عن فقدان الشغل، فبعدما جرى الاتفاق بين الحركة النقابية وأرباب العمل على انشاء هذا الصندوق، من أجل توفير شـروط العيش الكريم لفاقدي الشغل خلال الستة الأشهر الأولى، بمقابل أ ينحصر دور الدولة في تنفيذ هذا الإجراء، إلا أنه بالرغم من ذلك، فإن هذا الصندوق لم ير النور، في الوقت الذي تدق فيه الأزمة الاقتصادية أبواب الاقتصاد المغربي، إذن فلو تم تفعيل هذا الاجراء في وقته، فإنه على الأقل، العامل سيجد نفسه محميا، خلال ستة الأشهر الأولى لفقدانه للشغل، في انتظار أن يجد عملا آخرا.

** باستثناء الزيادة في أجور الموظفين والحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص، التي جاء بها اتفاق 26 أبريل 2011، ما تزال باقي مضامين الاتفاق معلقة. إلى ماذا ترجعون ذلك؟

* لقد ساهم الاتحاد المغربي للشغل من موقعه في التوصل إلى هذا الاتفاق، إذن فمن تاريخ التوقيع إلى الآن، هناك التزامات تم تنفيذها وأخرى ماتزال لم تنفذ بعد، والذي أثار استغرابنا ودفعنا إلى التساؤل، هو لماذا الحكومة الحالية لم تواصل إجراءات استكمال تنفيذ مضامين الاتفاق؟، فمن غير المعقول أن نعيد نفس السيناريو مع حكومة ابن كيران بأن نعيد مرة أخرى النقاش حول الالتزامات التي توصلنا بموجبها إلى الاتفاق المذكور مع الحكومة السابقة، إذن ففي لقائنا الأخير برئيس الحكومة، أكد أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ اتفاق 26 أبريل ونحن سنرى .

** هل لمستم في رئيس الحكومة الارادة السياسية الحقيقية لتنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل؟

لا أظن أن الحكومة تفتقد للإرادة السياسية في هذا المجال، بل بالعكس من ذلك، فالفريق الحكومي الذي يقوده العدالة والتنمية، لا يفتقد الارادة بقدر ما لايملك الطريقة لبلورة وتنزيل عدد من الإجراءات الاجتماعية، يمكن أن نعيد ذلك إلى أنهم في طور التمرس على تدبير الشأن العام، وبالتالي لا يمكن أن نحكم على الحكومة من الآن، فما يزال أمامها الزمن لكي تظهر حنكتها في تدبير الملفات الاجتماعية وكل القضايا، التي من شأنها أن تقوي القدرة الشرائية للمواطن.

** تقدمت الحكومة السابقة بمشروعي قانون، الأول خاص بالإضراب والثاني متعلق بالنقابات، لكن الاتحاد المغربي للشغل رفض هذين المشروعين. ما أسباب هذا الرفض؟

* أول في مايخص مشروع قانون الإضراب، فمند سنة 1962 إلى اليوم، كل الدساتير المتعاقبة نصت على أن حق الإضراب مضمون وسيأتي قانون تنظيمي لتحديد كيفية ممارسة هذا الحق، فعلى مستوى الاعتراف ليس هناك أي مشكل، لكن الخلاف يبقي كامنا في القانون التنظيمي، فالمشرع الدستوري قال بأن القانون التنظيمي يجب أن يحمي هذا الحق الدستوري، الذي هو حق الإضراب، لكن ما لاحظناه، هو أن الحكومات المتعاقبة تريد تحريف هذا النص التنظيمي بتكبيل حق الإضراب بمساطر ملتوية وطويلة ومعقدة، لدرجة أصبح معها ممارسة هذا الحق الدستوري مستحيلا، وسبق لنا أن ناقشنا معهم، أنه ليس المهم هو قانون الإضراب، بقدر مايجب أن ننكب على معالجة أسبابه، وهنا وبشهادة وزارة التشغيل والحكومة أن 63.7 في المائة من الإضرابات التي تعرفها الساحة الإجتماعية راجعة إلى خرق الاتفاقيات الجماعية وقانون الشغل، إغلاق وحدات انتاجية بدون سند قانوني إلى غير ذلك من الأسباب، فنحن لانمارس الإضراب من أجل التسلية، وبالتالي نقول لهم هناك آلية، والتي سبق لنا أن اقترحنها على الحكومة وأرباب المقاولات، وهي فض النزاعات الجماعية بشكل سلمي، وقد توفقنا في حل عدد منها بعيدا عن هذا القانون التكبيلي. أما قانون النقابات، فقد تطرقت له مدونة الشغل وخصصت له فصلا كبيرا من نشأة النقابة إلى حلها، ونحن في الواقع لم نطالب بهذا النص، و بالتالي ارتأينا أن السلطات العمومية من خلال هذا النص تريد التدخل في الشؤون النقابية، إذن فليس من مصلحة الدولة أن تتدخل في في الباب، ويجب عليها أن تترك الحركة النقابية حرة ومستقلة عن الحكومة وعن الدولة وعن أرباب العمل، كماهو في الدول الديموقراطية.

** بعد الحراك الذي عرفه الشارع وما ترتب عنه من تعديل دستوري وتنصيب حكومة جديدة، هل ترون أن المغرب بعض هذا المخاض، قد أصبح بمنأى عن الثورات الاجتماعية؟

* في ما يخص الحراك الإجتماعي الذي جاءت به حركة 20 فبراير، والتي أحييها من خلال هذه المناسبة، فهذه الحركة التي ساندها الاتحاد المغربي للشغل منذ بداياتها الأولى، بحيث أصدرت نقابتها بلاغا تاريخيا في يوم 22 فبراير أعلنا في دعمنا الكامل لها، كما طالبنا من خلاله بضرورة إجراء تعديلات دستورية، ففي اعتقادي مادامت أسباب نزول الحركة مازالت قائمة، فالمغرب ما يزال معرض لهزات اجتماعية، إذا لم تصلح الأمور، فحركة 20 فبراير ليست ظرفية أوعابرة، ففي فكرة ستبقى مستمرة، كلما بقيت الظروف التي أنشأتها موجودة، فأسباب نزولها واضحة، الفقر ،الهشاشة، البطالة وسوء توزيع الخيرات إلى غير ذلك من الأسباب، إذن فهناك مجموعة من الشوائب التي يتوجب على السلطات العمومية أن تتصدى لها من أجل تنقية الأجواء الاجتماعية، وهنا أؤكد مرة أخرى، أنه إذا بقيت هذه الأسباب قائمة ولم تتم معالجتها وتسويتها، فإن تعرض المغرب لهزات اجتماعية سيبقى واردا.