فعلا اليوم، كل دول العالم تلجأ إلى المديونية الخارجية لموازنة ماليتها، بل نرى في بعض الأحيان أن مديونية الدول العظمى، تفوق بكثير ناتجها الداخلي الخام، بينما القانون المغربي لا يسمح بذلك.
فالمديونية الخارجية لها علاقة وثيقة بالاستثمار وبالتالي على مناصب الشغل، وكذلك على القدرة الشرائية.
اليوم أسعار الغاز والمحروقات عرفت ارتفاعات صاروخية تحملها المواطن وحده، وذلك نتيجة القرار الذي اتخذته الحكومة السابقة بتحرير أسعار هذه المواد دون حسيب ولا رقيب بمبرر أن صندوق المقاصة أصبح يؤثر على ميزانية الدولة، وبالتالي تلجأ إلى المديونية.
فلا المواطن استفاد من آثار هذا القرار ولا المديونية انخفضت، بل أثر كثيرا على القدرة الشرائية للمواطن وبالخصوص الطبقات الشغيلة.
فاليوم رغم انخفاض ثمن برميل البترول الخام، لازال المواطن يؤدي فارق انخفاض الثمن ولازال الكازوال ب 14 درهم كما كان عليه حينما كان ثمنه 140 دولار للبرميل.
ولطالما طالبنا في فريق UMT بمراقبة وتسقيف الأسعار واقترحنا على الحكومة تخفيض رسم الاستهلاك الداخلي والضريبة على القيمة المضافة إلى حين استقرار الأسعار، ولكن (لا حياة لمن تنادي) لم نجد آدانا صاغية لاقتراحاتنا.
فمن الرابح من آثر ارتفاع الأسعار؟
فطبعا ليس المواطن العادي فالرابح الأول هم أصحاب الوساطة (السماسرة) ثم خزينة الدولة، لأنه بارتفاع الأسعار يرتفع رقم المعاملات وبالتالي ترتفع المداخيل الضريبية.
وكل هذا ما أفسد الفرضيات التي تقدمتم بها في مشروع قانون المالية لسنة 2022، فمثلا:
كانت فرضية ميزانية 2022 من الانتاج الداخلي من الحبوب تناهز 8 مليون طن، بينما الاستهلاك الوطني من الحبوب يفوق 10 مليون طن، إلا أن التوقعات الحالية لن تتعدى هذه السنة 3 مليون طن.
أسعار الحبوب العالمية تضاعفت بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا وهاتان الدولتان يعدان من المنتجين والمصدرين الأوائل في العالم
الهند اتخذت قرار بمنع تصدير الحبوب لضمان أمنها الغذائي.
ولضمان الأمن الغذائي للمغاربة، هل ستظل الحكومة تدعم الحبوب وبالخصوص القمح الذي يعد من المواد الغذائية الأساسية وتحافظون على القدرة الشرائية للمغاربة؟
• أم أن لديكم ما يكفي من العملة الصعبة لاستيراد الخصاص من الحبوب إن وجد في السوق العالمية؟
• أم ستلجؤون إلى المديونية من جديد من أجل الاستهلاك لا للاستثمار لسد الخصاص لهذه المواد؟
• أما اللجوء إلى قانون مالي معدل، فهذا قد استبعده رئيس الحكومة في تصريحاته الأخيرة.