آخر الأخبار
الرئيسية » المستجدات » كلمة السيدة أمال العمري في الاجتماع الرابع للاتحاد من أجل المتوسط
كلمة السيدة أمال العمري في الاجتماع الرابع للاتحاد من أجل المتوسط

كلمة السيدة أمال العمري في الاجتماع الرابع للاتحاد من أجل المتوسط

الاجتماع الرابع للاتحاد من أجل المتوسط

(UPM)

منتدى الحوار الاجتماعي

6-7 أكتوبر/تشرين الأول-2020

السيد الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط

السيدات والسادة ممثلي المفوضية الأوروبية

السيدات والسادة ممثلي الشركاء الاجتماعيين

أيها الحضور الكريم  

يسعدني أن أساهم معكم باسم الاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد العربي للنقابات، في أشغال المنتدى النقابي الأورومتوسطي الرابع

للحوار الاجتماعي، الذي يصادف هذه السنة الذكرى الخامسة والعشرين لمسار برشلونة، تلك الخطوة التاريخية التي مثلت بداية التعاون الأوروبي المتوسطي، والتي اعتبرنا في حينها أنها غيبت البعد الاجتماعي.

ولا يفوتني أن أشكر كل الجهات المنظمة لهذه المبادرة الهامة.

و إذا كانت أهمية المنتدى تتجسد في كونه منبرا إقليميا لتبادل المعلومات ،و التجارب والخبرات بين الفرقاء :السياسية منها، و بهدف تطوير حوار اجتماعي قوي ومستقل وفعال، فمن الطبيعي و من اللازم أن يشكل هذا المنتدى أرضية لتقييم مدى التقدم الحاصل في موضوع الحوار الاجتماعي بدول ضفتي المتوسط، لتتبع و تقويم التعاون في مجالات التنمية المستدامة للشراكة الأورومتوسطية، التي لا يجب اختزالها في تأسيس منطقة للتبادل الحر، بل اعتبراها اطارا متميزا لدفع التنمية والديمقراطية، قائما على فلسفة الانتماء المشترك والمسؤولية المشتركة .

السيدات والسادة،

ينعقد منتدى الحوار هذا في ظروف استثنائية، تطبعها تداعيات الأزمة المركبة الناجمة عن جائحة كوفيد19، التي اجتاحت كل أنحاء المعمور، ولم تستثن منها ضفتا الأبيض المتوسط. أزمة أضحت معها سنة 2020، سنة للحجر بدل العمل، وسنة للانكماش بدل التوسع والنماء.

فبالإضافة إلى التداعيات الكارثية على أرواح وصحة المواطنين والمواطنات، في ظل محدودية منظوماتنا الصحية وبسبب تأثيرات الحجر الاقتصادية، فإن توقعات النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا تنذر بانكماش بنسبة 5.7% بحلول نهاية السنة 2020، قد يصل إلى 13%. في بعض البلدان.

والبطالة في المنطقة العربية ستضرب أطنابها بفقدان ما لا يقل عن 6 ملايين وظيفة. وما لذلك من نتائج كارثية على الفئات الشعبية المحدودة الدخل حيث يتوقع برنامج الغذاء العالمي “WFP” وقوع 14 مليون و300 ألف شخص إضافي تحت عتبة الفقر، في البلدان العربية متوسطة الدخل.

ففي المغرب مثلا حسب الإحصائيات الرسمية، سنفقد 589 ألف منصب شغل في القطاع المنظم علما أن القطاع الغير المهيكل تضرر بشكل كبير جراء تبعات الحجر الصحي.

تداعيات اجتماعية كارثية على فئات عريضة من شعوب المنطقة في غياب أنظمة للحمايةً الاجتماعية والتي عرت أزمة كوفيد عن محدوديتها.

وإذا كان لإعلان الوزاري الصادر عن المؤتمر الرابع بكاشكاي 2019، قد أقر بأن الأوضاع الصعبة صحيا والتحديات الهيكلية التي تواجه شعوب المنطقة اقتصاديا واجتماعيًا، لا زالت قائمة، فمما لا شك فيه أنها ستتضاعف جراء الأزمة المركبة الحلية، ما سيجعل مجتمعاتنا على مسافات أبعد من تحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030، خاصة في الضفة الجنوبية.

وإذا كان اعلان كاشكاي متميزا بتضمينه لعدد من التوصيات البالغة الأهمية في أبعادها المختلفة، وبتأكيده على ضرورة معالجة التحديات بما يتناسق مع تعهدات الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية بشأن التنمية المستدامة، وتشجيع العمل اللائق والتوظيف، بما في ذلك الانتقال من الاقتصاد غير الرسمي للاقتصاد الرسمي، والتصدي لعدم المساواة،

وإذا كان إعلان كاشكاي متميزا كذلك بتأكيده

على الدور المحوري للحوار الاجتماعي في التصدي للتحديات المتعلقة بالتنمية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ومن ثم ضرورة العمل على تجويد آلياته واستمرارية وانتظام دورياته بين السلطات الحكومية ومنظمات الشركاء الاجتماعيين وفق خارطة للتوجهات ودعم التجارب القائمة خاصة في جنوب الأبيض المتوسط

فهل تمكنا من خلق إطار ناجع للاستقرار ولتقليص الفوارق في مستوى العيش بين الضفتين؟

هل تمكنا بواسطة الحوار الاجتماعي من توفير شروط العمل اللائق والمنصف، ومن خلاله تنظيم سوق العمل وتطوير العلاقات المهنية والرفع من الانتاجية؟ على ضوءً معايير العمل لمنظمة العمل الدولية؟

هل يتم إشراك قوى الإنتاج في سن السياسات الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز الديمقراطية وإرساء العدالة الاجتماعية، لضمان الأمن والسلم الاجتماعيين؟

في الواقع، على المستوى العملي لم نسجل تقدما ملموسا أو مبادرات ملموسة في اتجاه إقرار حوار اجتماعي ممأسس حقيقي وفعال، قادر على التأثير في السياسات ذات الصلة بخلق التوظيف والعمل، خاصة في صفوف الشباب والنساء، في منطقة تعاني من تجزيئ سوق الشغل، وهيمنة القطاع الغير المهيكل والذي سيزيد اتساعه جراء الوباء. في المغرب تشكل نسبة الاقتصاد غير المهيكل أكثر من 50% من الاقتصاد الوطني، وقد كشفت الجائحة عن حجم الظاهرة والاشكالات الناجمة عنها في تدبير الدعم لفائدة العاملين به والذي استفادت منه 4 مليون عائلة.

ولعل التدبير الأحادي لأزمة كوفيد في بلادنا المغرب، والذي ينم عن عدم توفر الإرادة السياسية، خير دليل على محدودية الحوار الاجتماعي، حيث لم يتم إدماج الحركة النقابية بالمستوى المطلوب في رسم سياسات مواجهة تداعيات أزمة كوفيد، في ظرف يتطلب انخراط كل الفرقاء في إعادة ترتيب الأولويات، ورسم السياسات الكفيلة بتجنيب شعوب المنطقة الأسوأ. سياسات تضمن التماسك الاجتماعي و التعافي الاقتصادي.

السيدات والسادة

لا شك أن الحوار الاجتماعي الفعلي والفعال يفسح المجال لإرساء البعد الاجتماعي في الشراكة الاستراتيجية.

– إن خلق مناصب الشغل اللائق، والضامن لإدماج الفئات المهمشة والضعيفة، و من ضمنها الشباب و النساء و المهاجرين ، عامل محوري للشراكة وأحد أهدافها ذات الأولوية، ومن ثم ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة لا براز هذه الأولوية.

  • وكذلك شأن المساواة.

فالتقدم الاجتماعي لن يتحقق دون المساواة الفعلية في الحقوق بين الرجال والنساء. إذ من المعلوم أن المرأة تبقى الحلقة الأضعف في دولنا العربية. أكثر من ذلك فنحن نسجل تراجعًا على مستوى انخراط المرأة في العمل الذي أصبح في المغرب مثلا لا يتجاوز 22,8 % بدل 25% في التسعينات. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشارك النساء في القوى العاملة بنسبة 20.5%. وقد عمقت أزمة كوفيد الفجوة الأجرية بين الرجال والنساء، إلى جانب كل مظاهر التمييز المبني على النوع الاجتماعي بما فيها العنف.

– إن تأمين حماية اجتماعية شاملة باعتبارها ليست فحسب، حقا من حقوق الانسان، وشرطا أساسيا من شروط العدالة الاجتماعية، بل ضرورة اقتصادية واجتماعية بات يفرضها تحريك عجلة التنمية، وتحسين مستوى العمالة الإنتاجية في اقتصاداتنا الهشة، و تحويل لقطاع غير المهيكل الى القطاع المهيكل ، والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.

كما أن مجالات العمل التي سطرها الإعلان المئوي لمنظمة العمل الدولية للسنة الفارطة حول مستقبل العمل، يجب استثمارها لتمكين الإنسان من الاستفادة من التغييرات في عالم العمل.

وكلها أولويات تتقدم القضايا الاستراتيجية للتنمية الاجتماعية التي تتطلب مزيدا من تعميق الحوار الاجتماعي الثلاثي الأطراف، والمتعدد المستويات، والذي على عاتقنا في حوض الأبيض المتوسط أن نعطيه مضمونا حقيقيا بهدف تحقيق التنمية المشتركة في هذا الفضاء.

السيدات والسادة، أيها الحضور الكريم

تتميز منطقة شمال إفريقيا بتجدر الحركة النقابية في التاريخ السياسي والنضالي لدولنا. فالاتحاد المغربي للشغل متواجد لأكثر من 65 سنة. وإذا كانت علاقة منظماتنا بالمنطقة مع السلطات السياسة ليست بتلك السلاسة ولا بذلك النهر الطويل والهادئ فإن الحركة النقابية تتوفر على تجربة متقدمة إلى حد ما في مجال الحوار الاجتماعي، بقدر يمكن من استثمارها في باقي الدول العربية الحديثة العهد بالعمل النقابي وبالحوار الاجتماعي، عبر إطارنا النقابي الإقليمي “الاتحاد العربي للنقابات” المنوط به مهمة تعزيز دور الحركة النقابية العربية وتطوير قدراتها. من لاكتساب المهارات والرفع من قدرات النقابيين في إنجاح التفاوض والحوار الاجتماعي.

وإذ نؤكد في حركتنا النقابية على أهمية الحوار الإقليمي، والتعاون الإقليمي في إرساء دعائم الشراكة المثمرة والمتوازنة، نأمل أن يضطلع الحوار الاجتماعي بدور أهم في محاربة ظواهر شائكة كغياب الشفافية، والرشوة والفساد، والتي تضيع على المنطقة فرص التقدم، وتعرقل مسار إرساء الدولة الاجتماعية.

إن النهوض بالحوار الاجتماعي في الجنوب وبين الضفتين، سيسهم في بناء شراكة بأبعادها الاجتماعية، وتحقيق الأهداف المنشودة للتنمية المشتركة.

وفي النهاية أتمنى لهذا المنتدى التوفيق والنجاح. أملي أن تترجم خلاصات أشغاله إلى مبادرات عملية يكون لها آثار ملموسة على واقع ومستقبل العاملات والعمال وباقي شعوب الفضاء الأورومتوسطي في أفق تحويله تدريجّيا الى فضاء يعمه السلام، والاستقرار والازدهار.

شكرا لكم