في منزل بسيط بحي بوشنتوف الشعبي ذي جذور تاريخية مناضلة، تم التحضير النهائي لتأسيس أول منظمة نقابية وطنية مستقلة، حيث كان ثلة من النقابيين يجتمعون وبشكل سري لوضع اللمسات الأخيرة لعقد المؤتمر التأسيسي لمنظمة نقابية تجسد آمال الجماهير الكادحة وتعبر عن مطامحها الثورية في التحرر والاستقلال.
في هذا المنزل المتواضع كان الحدث التاريخي العظيم يوم 20 مارس 1955، ميلاد الاتحاد المغربي للشغل التي بلغ صداها أرجاء العالم لأنها تمت رغم أنف المستعمر الذي كان يبسط قواته ودباباته وأسلحته المتنوعة وينشر مخبريه في كل أزقة وأحياء منطقة درب السلطان بالدارالبيضاء. فإيمان النقابيين الأحرار كان قويا بعدالة قضيتهم واستقلال بلدهم وكان عزمهم شديدا على تحدي المستعمر وعلى رفع أية وصاية أو إملاءات سياسية أو نقابية أجنبية. وهبوا حياتهم فداء للوطن وضحوا بغاليهم ونفيسهم في سبيل الطبقة العاملة، لذا كان إصرارهم على ممارسة الاستقلال النقابي مهما كلفهم من ثمن.
في هذا المنزل الكائن بزنقة 19 بحي بوشنتوف بمنطقة درب السلطان توافد يوم 20 مارس 1955 في خفية عن أعين المخربين وفي تحدي قوانين الاستعمار التعسفية وقواته التي كانت تراقب الوطنيين من الأرض ومن أعلى الأسطح، 45 مندوبا نقابيا قدموا من مختلف الجهات أو مثلوا مختلف القطاعات المهنية، ليعقدوا المؤتمر التأسيسي لأول مركزية نقابية وطنية، كان الإجماع على تسميتها “الاتحاد المغربي للشغـل” نظـرا لما لهـذا الإسم من معاني.
إن التاريخ لن ينسى مؤسسي الاتحاد المغربي للشغل، وعمال المغرب سيظلون أوفياء سائرين على دربهم في حمل المشعل لاستمرار هذه المنظمة الأصيلة كمدافع أمين عن مصالح ومطامح الطبقة العاملة خصوصا، والجماهير عموما.
رحم الله كل من وافتهم المنية وأسكنهم فسيح جنانه وأطال الله عمر من لازال منهم على قيد الحياة.