باستغراب شديد وبكل أسف واستنكار تلقينا في النقابة الوطنية لمفتشي وموظفي وزارة التشغيل القرار المفاجئ لوزير الشغل والإدماج المهني وهو في آخر أيامه بحكومة تصريف الأعمال، بتعيين المدير الجهوي للشغل والإدماج المهني بالدار البيضاء ـــــــ آنفا بمديرية التعاون الدولي والشراكة رئيسا لقسم التعاون الدولي بها، وهو القسم الذي ظل شاغرا لما يقار ب السنتين!!!
لقد كان من المنتظر والطبيعي أن يفتح السيد الوزير تحقيقا حول فترة تولي المعني بالأمر المسؤولية، بعدما توصل غداة توليه مقاليد الوزارة بملفات تناولت سياق تعيينه مديرا جهويا وعدة أوجه لمظاهر تسييره الكارثي، وتواصل اطلاعه على بلطجته الإدارية وتعدياته السافرة على الحقوق سواء من خلال شكايات موظفين متضررين، أو عبر التنديد به كمعادي لمصالح جهاز تفتيش الشغل في بلاغات هيئة التنسيق بوزارة الشغل والإدماج المهني، من خلال محاربته للعمل النقابي وتعديه على حقوق الموظفين واندفاعه المحموم لتزعم تنزيل مشاريع مشبوهة تدخل فيما أسمته هيئة التنسيق بالتدمير المنهجي لمفتشية الشغل: محاولة تقسيم جهاز تفتيش الشغل إلى جهاز للمراقبة وجهاز للمصالحة، محاولة إعدام مفهوم الاختصاص الترابي المتمثل في دوائر الشغل المعتمدة رسميا كتنظيم لعمل مفتشية الشغل واستبداله بمفهوم من عالم التجارة هو محفظة بمؤسسات، ومحاولة فرض هذه التغييرات التي لم تكن يوما موضوع قرارات رسمية للوزارة عبر نظام معلوماتي أصرت الإدارة على تنزيله ضدا على الجميع، رغم عدم جاهزيته تماما للاستعمال، سواء عند محطة الانتخابات المهنية أو ما بعدها، مما يتعين معه أن تكون صفقة هذا النظام محورا أساسيا في أي عملية افتحاص مستقبلية ضمانا لحماية المال العام.
وشكلت الجلسة الافتتاحية للحوار الاجتماعي القطاعي التي ترأسها السيد الوزير مناسبة أخرى لعرض “فتوحات” هذا المسؤول فوق العادة مما تم تسجيله في محضر ذلك الاجتماع، كما في قيامه بتعيينات تدخل حصريا ضمن صلاحيات الوزير نفسه، وتهربه لخوائه المهني وانعدام تجربته الميدانية كمفتش للشغل من ممارسة صلاحيات المدير الإقليمي المنوطة به شخصيا، مفوضا إياها منذ سنة 2016 للغير دون أن يكون له حق التفويض، ومستحدثا لذلك بنية هجينة لا محل لها من الإعراب داخل المنظام الهيكلي المعتمد رسميا بالنسبة للمصالح اللاممركزة للوزارة، تحت اسم المكلف بمفتشية الشغل، الذي مارس مفتشون للشغل تحت إطاره صلاحيات خولت مدونة الشغل المندوب الإقليمي المكلف بالشغل وحده قانونيا مهمة الاضطلاع بمزاولتها، وزاول هؤلاء خرق تلك الصلاحيات ويا للعجب في مكتب يشير ملصق ببابه على أنه مكتب المدير الإقليمي للشغل والإدماج المهني الدار البيضاء آنفا!!! (وهو يتأهب للمغادرة وفي آخر أسبوع له كمدير جهوي أودع سر مديرية الدار البيضاء آنفا لدى مفتشة مضى بالكاد على أدائها اليمين القانونية أربعة اشهر، وعهد إليها بمقاليد الأمور بها وهذه المرة ليس في استخفاف تام بالقانون فحسب كما هي عادته بل بخلفية كيدية واضحة تجاه الموظفين).
لكن عوض القيام باللازم، بادرت الوزارة إلى وأد أي محاولة لمحاسبته، من خلال تجاهل الشكايات ومطالب فتح التحقيق حول ممارساته وتعدياته على الموظفين، وكذا من خلال إقبار اللجنة الخاصة بالإشكالات الفردية للموظفين المنبثقة عن اجتماع 5 يناير أعلاه، والتي كان ملفه أول ملف تلقته اللجنة عند تشكيلها وتسمية أعضائها بتاريخ 20 يناير 2021، (وفي الواقع تملصت الوزارة من كل التزاماتها المتعلقة بمخرجات الحوار الاجتماعي القطاعي) وتركته يتسيد الميدان، ضاربا عرض الحائط لأبسط أبجديات الحكامة في التسيير، مستعيضا عن ذلك بما يبرع فيه عديمو التجربة المهنية والكفاءة والاستحقاق من احتجاز وحجب المعلومة، انعدام الشفافية والتواصل مقابل تنمية ثقافة الإشاعة والكولسة، اللعب على التعدد النقابي واستعمال منطق “فرق تسد” بتقريب حديثي العهد بجهاز تفتيش الشغل وجعلهم في الواجهة، وحتى قبل أدائهم اليمين القانونية، مقابل إقصاء الأطر الكفؤة ذوي الخبرة والتمرس… لتصبح المزاجية واستحضار الولاء الشخصي له وليس اعتبار المصلحة العامة المعيار المعتمد في التسيير وتقييم أداء الموظفين، وفي سياق هذا التسيير العبثي تم إجراء إحدى العمليات الأساسية التي تشرف عليها الوزارة، وهي انتخابات مندوبي الأجراء التي عرفت ارتجالا وتخبطا منقطع النظير في مختلف مراحل إجرائها، وفي نفس هذا السياق كذلك تتم حاليا الهرولة نحو إجراء عملية إخلاء لمقر المديرية الجهوية ونقل الموظفين والعتاد المكتبي نحو مقر مديرية الشغل والإدماج المهني بعين السبع الحي المحمدي الذي سيصبح هكذا محتضنا لثلاث مديريات إقليمية زائد الجهوية!!! وكل ذلك في سرية تامة وغياب ما يفيد رسميا في الموضوع بكل تفاصيله نتيجة سياسة التعتيم وغياب التواصل مع الموظفين المعنيين!!!
إن النقابة الوطنية لمفتشي وموظفي وزارة التشغيل إذ تتناول ملف هذا المسؤول الذي خرب بيئة العمل بأهم جهة اقتصادية بالمملكة، تستغرب الحماية الدائمة التي وفرها الوزير والمسؤولون المركزيون وتسترهم على شخص المعني بالأمر الذي يطرح أكثر من تساؤل، وتعتبر تزكيته عبر تعيينه ــــــ رغم كل الفشل الذي طبع تسييره ــــــ مسؤولا بالإدارة المركزية للوزارة، ليست سوى محاولة مفضوحة في الوقت الميت لتهريبه من أية مسائلة مستقبلية وهو في موقع المسؤولية الذي تولاه عن غير جدارة واستحقاق منذ سنة 2016، وذلك بعدما ظهر بناء على نتائج انتخابات 8 شتنبر الماضي أن حمايته المستمرة في منصبه الجهوي لم تعد ممكنة مع التغييرات التي عرفها المشهد السياسي ببلادنا، وتطالب بشكل مستعجل، بتكليف المفتشية العامة للوزارة بمهمة البحث والتدقيق في تسيير المعني بالأمر وتدبيره الإداري والمالي والتقني للجهة، مع العلم أن المعني بالأمر لطالما “تباهى” بعلاقاته الشخصية بالمفتش العام للوزارة وقدرته من خلال مثل هذه العلاقة على استخدام هذه المفتشية لتدبيج تقارير تفتيش للإطاحة بكل من لا يسايره في توجهاته أو يقف ضد ممارساته السلطوية، كما وقع في حالات سابقة.
حرر بتاريخ 04 أكتوبر 2021