السيد الرئيس؛
السيد رئيس الحكومة؛
السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛
لقد لقي قرار فرض حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي قبل ثلاث أشهر تفهما بل وانخراطا من غالبية المواطنين، وعيا منهم بكون العزل الصحي هو الآلية الأنجع لتجنب بلادنا الأسوأ، في ظل محدودية إمكانية بلادنا المتواضعة للسيطرة على الوباء، وبسبب تداعياته الاقتصادية وآثاره الاجتماعية والنفسية على عموم المغاربة، وفي مقدمتهم الطبقة العاملة وباقي الفئات الهشة، لم يقبل المواطنون تمديد الحجر لثلاث أسابيع، إلا على مضض وبقدر ما كانت حاجتهم للتواصل المؤسساتي المستمر بقدر ما كان ترقبهم كبيرا لقرار ينهي مأساتهم، في إطار خطة حكومية واضحة المعالم لتدبير مرحلة ما بعد الحجر.
غير أن التعتيم والارتباك كانا سيدا الموقف، ناهيك عن تضارب المواقف بين القطاعات الحكومية، اعتبر معها المتتبعون أن الحكومة خسرت الرهان التواصلي، فكان من الطبيعي أن يخيب تمديد الحجر الصحي (في صيغة ما سميتموه بالتخفيف التدريجي) آمال المواطنين الذين ذاقوا ذرعا من تبعاته واعتبروه تمديدا لمأساتهم.
فالقرار غير مفهوم بالنظر للوضعية الصحية حيث المؤشرات الوبائية إيجابية، ونسبة استعمال البنيات الاستشفائية المعدة للجائحة ظلت ضعيفة أكثر من ذلك قد يكون لاستمرار الحجر الصحي آثار صحية ونفسية على الفئات الهشة من المجتمع (الأشخاص في وضعية إعاقة والأشخاص المسنين والأطفال) في غياب أية إجراءات أو برامج مواكبة للتخفيف. السيد رئيس الحكومة؛
علاقة بمراحل التخفيف تحدثتم عن مرحلة الإطلاق ومرحلة ثانية ومرحلة متقدمة دون تحديد زمني، ما ينم عن ارتباك كبير، ويسدي الضبابية، ويحول دون اتخاذ أية مبادرات على المستوى الاقتصادي، أو على مستوى عودة مغاربة العالم أو السياحة الداخلية، وكلها مبادرات تحتاج إلى برمجة بحيز زمني معقول.
وعلاقة بالبعد الترابي واعتماد صنفين من الأقاليم أو العملات:
إذا كانت المنطقة الأولى من التخفيف أكثر توسعا، إلا أن النشاط الاقتصادي الصناعي والخدماتي يتمركز في 20 % من الأقاليم المصنفة في المنطقة الثانية، (خط مراكش طنجة باستثناء سطات) وبالتالي تم اعتماد المقاربة الترابية دون مراعاة الأبعاد الأخرى خاصة البعد التنموي.
فكيف يمكن استئناف الأنشطة الاقتصادية المسموح بها؟ في ظل الإجراءات الخاصة من قبيل الرخص الاستثنائية، وإشكالات التنقل بين الجهات، وحتى داخل الإقليم أو العمالة على سبيل المثال قطاع البناء. بل وداخل حتى تلك التي صنفتموها في الصنف 1 (مثال درعة تافيلالت).
وعلاقة بالبعد الاقتصادي والاجتماعي؛
رغم المجهودات المبذولة، فللحجر الصحي تكلفة اقتصادية، كما جاء في عرضكم، علاوة على تداعياته الاجتماعية المركبة 960 ألف عامل وعاملة في وضعية عطالة مؤقتة، وملايين من العاملين بالقطاع غير المهيكل الذي يمثل 40% من النسيج الاقتصادي الوطني أصبحوا في وضعية عطالة أو عطالة مقنعة، وأغلبهم لن يَعُد بإمكانهم في غضون الشهور القليلة القادمة تأمين قوتهم اليومي، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي.
السيد رئيس الحكومة؛
نعتبر في الاتحاد المغربي للشغل أن الخروج من هذه المحنة المطبوعة بتعقيدات كبيرة في أبعادها المختلفة، يتطلب وبشكل آني واستعجالي:
الاستمرار في دعم الأجراء الغير ملتحقين بعملهم بسبب صعوبة المقاولات التي يشتغلون بها، وكذا الفئات الهشة، والعمال بالقطاع غير المهيكل، خاصة وأن نسبة الدعم الاجتماعي لم تتجاوز 13.7 مليار من 32.7 (ميزانية الصندوق)، وبالمناسبة فقد راسلكم الاتحاد المغربي للشغل في الموضوع.
كما يجب تأمين الدعم لأولئك الذين تم استثنائهم وتعجيل البث في شكاياتهم بأثر رجعي.
لا مناصة من عودة الحياة إلى وضعها الطبيعي ورفع القيود غير المباشرة على الأنشطة الاقتصادية، وتدليل الصعوبات التي تواجهها شرائح واسعة من الموظفين والمستخدمين والمهنيين، مع تكثيف التحليلات المخبرية والإبقاء على التدابير الوقائية وتكثيف مراقبة شروط الصحة والسلامة لكل العمال.
- الحفاظ على مناصب الشغل وضمان احترام حقوق العاملات والعمال وعموم المأجورين، وعدم استغلال هذه الظرفية العصيبة للإجهاز على حقوقهم.
- إعداد مشروع قانون المالية التعديلي، وفق مقاربة تشاركية ورؤية اجتماعية وحقوقية تعيد النطر في الأولويات والاختيارات الحكومية، تعيد الاعتبار للقطاعات الاجتماعية وللمرفق العمومي، وتوجه الاستثمار العمومي نحو القطاعات المشغلة وذات القيمة المضافة.
- دعم القدرة الشرائية للأجراء من الموظفون والمستخدمون والعمال وذوي الدخل المحدود، ضمانا للاستقرار الاجتماعي وتحريك عجلة الاقتصاد؛
- دعم القطاعات الاقتصادية التي تضررت أنشطتها الاقتصادية من الحجر الصحي، من المقاولات الصغرى والمتوسطة، والصغيرة جدا والمقاولين الذاتيين، ومواكبتها ماليا واقتصاديا وصحيا؛
- تحويل محنة مواجهة كورونا إلى فرصة لمباشرة الإصلاحات والأوراش المهيكلة:
- إصلاح نظام التكوين المستمر وإعمال التكوين مدى الحياة؛
- إصلاح المنظومة الجبائية في اتجاه الانصاف بتوسيع قاعدة الملزمين وتخفيض الضريبة على الدخل لعموم الأجراء ومحاربة الريع والتهريب والغش الضريبي؛
- وضع منظومة شاملة للحماية الاجتماعية، وضمان حد أدنى لدخل اجتماعي يحفظ الكرامة للفئات الهشة إرساء لمقومات العدالة الاجتماعية.
- إدماج القطاع غير المنظم في الاقتصاد الوطني المهيكل، وضمان الحقوق الاجتماعية للعاملين به.
- تعزيز الحوار الاجتماعي وطنيا وقطاعيا، وعلى مستوى المؤسسات والوحدات الإنتاجية من أجل كسب رهان الإقلاع الاقتصادي المنشود.
السيد رئيس الحكومة؛
إنها فرصة تاريخية فارقة أمام بلادنا في البناء الاستراتيجي التنموي، يمكننا ان نكسب رهانها بإرادة سياسية حقيقية وبإشراك كل الفاعلين وفي مقدمتهم الحركة النقابية.