” بسم الله الرحمن الرحيـــــم “
أخــــــــواتـــــــــــــــــي، إخـــــــــــــــــــــــوانــــــــــــــي،
تَحْتَفِلُ الطبقة العاملة المغربية في هذا اليوم من كل سنة، بقيادة الاتحاد المغربي للشغل مع كل عمال العالم بعيد الشغل لتجديد العهد، وتأكيد التلاحم، والتضامن، ووحدة الصفوف.
نلتقي اليوم لنؤكد التزامنا بهوية منظمتنا العتيدة ومبادئها و ثوابتها، خصوصا و العيد الأممي لهذه السنة يتزامن مع تخليدنا للذكرى 70 لتأسيس الاتحاد المغربي للشغل، و تنظيمنا للمؤتمر الوطني الثالث عشر الذي جسد بروح جماعية استمرار وفائنا لالتزاماتنا النقابية و الاجتماعية و السياسية و في مقدمتها مواقفنا الوطنية الثابتة من كل قضايا بلادنا و على رأسها قضية وحدتنا الترابية.
نلتقي في تظاهراتنا ومسيراتنا لنستعرض مطالبنا و انتظاراتنا و نعبر عن مواقفنا و احتجاجنا ضد كل السياسات و القوانين الاجتماعية التراجعية التي تَـــــــمــــَسُّ حقوقنا و مكتسباتنا في جميع المجالات.
أخــــــــواتـــــــــــــــــي، إخـــــــــــــــــــــــوانــــــــــــــي،
نلتقي من جديد، نحن العمال والعاملات، الموظفون والموظفات، المستخدمون والمستخدمات، والأطر وكل الأجراء من مختلف الأجيال والقطاعات العمالية والفئات المهنية وفي كل المدن والأقاليم، لنخلد هذه الذكرى تحت شعار: “نضال مستمر لمواجهة انتهاك الحقوق والحريات النقابية وصون المكتسبات والتصدي لغلاء المعيشة”
من أجل التعبير عن:
- احتجاجِنا ورفضِنا الإجهاز على حق دستوري و كوني يضمنه الدستور والمواثيق الدولية عبر تمرير الحكومة، بتواطئ مع الباطرونا، لقانون تنظيمي نعتبره غير شرعي لأنه تكبيلي وتجريمي وسالب للحق في الاحتجاج. وسيبقى الاتحاد المغربي للشغل رافضا لهذا القانون إلى أن يَتِمَّ إعادة النظر في مضامينه؛
- احتجاجِنا ورفضِنا استمرار العمل بالفصل 288 المشؤوم من القانون الجنائي الموروث عن الاستعمار؛
- احتجاجِنا ورفضِنا فبركة الملفات لطرد ومحاكمة مسؤولين نقابيين والتسريح الجماعي لآلاف العمال والعاملات؛
- احتجاجِنا ورفضِنا الهجوم غير المسبوق على القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم المواطنات والمواطنين، وتـــَــفَـــــشّــــِي الغلاء الفاحش الذي مس أسعار كل المواد الغذائية والخدماتية الأساسية دون حسيب أو رقيب؛
- احتجاجِنا ورفضِنا تعميق الفوارق الطبقية، والمجالية، والهشاشة الاجتماعية، والتوزيع غير العادل للثروة الوطنية.
أخــــــــواتـــــــــــــــــي، إخـــــــــــــــــــــــوانــــــــــــــي،
- نُحْيِي هذا العيد الأممي في ظل سياق دولي وإقليمي بالغ التعقيد، من أبرز سيماته اللايقين، واستمرار الأزمات الاقتصادية، وتصاعد التَوَتُّرَات الاجتماعية، واشتداد الحروب العسكرية والتجارية و السِّيبِيرانِيّة، وتداعيات التغيرات المناخية.
- إننا نعيش في عالم جديد قيد التَشَكُّل، عالمٌ يعرف تحولات متسارعة وعميقة تتجلى في هيمنة الليبرالية المتوحشة العالمية خصوصا مع صعود اليمين المتطرف والمد القومي الاستعلائي، وتهميش أدوار المنتظم الدولي، وطغيان منطق القوة عوض الاحتكام إلى القانون الدولي.
- إن لهذه التحولات انعكاسات سلبية وكارثية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة وعموم المواطنات والمواطنين، زاد من فداحتها السياسات العمومية اللاجتماعية و اللاشعبية للحكومات المتعاقبة، في مجالات الصحة و التعليم و الشغل و السكن و النقل و ضمان الحد الأدنى للعيش الكريم.
- فالأرقام التالية تُظهر مدى تدهور الأوضاع الاجتماعية ببلادنا وتبعات الأزمة المركبة، أزمةٌ عنوانها الأبرز : ارتفاع البطالة، توسع الفقر، التـــــــَضَّــــــــــخُــــم الصاروخي و ارتفاع الأسعار، و تدهور الأوضاع المعيشية للأجراء و عموم الفئات الشعبية :
- لقد ارتفع معدل البطالة في بلدنا، موازاة مع التسريح الجماعي لآلاف العمال والعاملات، من 16,2 % في سنة 2014 إلى 21,3 % في سنة 2024؛
- فالشباب المغربي البالغين من العمر بين 15 و24 سنة هم الأكثر تَضَّرُرا، بما فيهم ذوي المؤهلات العالية، حيث يعاني 50% منهم من البطالة؛
- أما عدد الفقراء على المستوى الوطني، فقد بلغ متوسط الارتفاع السنوي 33،7 % حيث انتقل هذا العدد من 623 ألف في سنة 2019 إلى مليون و420 000 في سنة 2022؛
لقد اكْـــــتَـــــفَـــــيـــنا بهذه الأرقام لنُـــــــبَـــــيّــــــِن ما آلت إليه أوضاعُ الطبقة العاملة وعموم المواطنات والمواطنين من تدهور صارخ يُثْبِتُ مرة أخرى مصداقية تحاليل الاتحاد المغربي للشغل، وجدية مواقفه بضرورة إعادة النظر في السياسات العمومية المُتَّبعة وإيلاء المسألة الاجتماعية المكانة الاعتبارية والأولوية التي تستحقها.
أخــــــــواتـــــــــــــــــي، إخـــــــــــــــــــــــوانــــــــــــــي،
إن الاتحاد المغربي للشغل، من منطلق مسؤولياته الوطنية، ووفاء لتاريخه وهويته ومبادئه، ومن مُـــــنْــــــطَــــلــــق كونه يربط بين النضال الميداني، وقوته الاقتراحية والتفاوضية، خاض مَعاركَ نضاليةً كبرى، أهمها الإضراب العام ليومي 5 و6 فبراير 2025، الذي عرف نجاحا كبيرا، احتجاجا على تمرير القانون التكبيلي للإضراب، خارج مؤسسة الحوار الاجتماعي، وفي خَــــرْقٍ سافر للمقتضيات الدستورية والمواثيق الدوليـــــــــــــة.
وبعد الانسحاب الاحتجاجي لفريقنا بمجلس المستشارين بالبرلمان من مسرحية التصويت على هذا القانون اللاشرعي بالغرفة الثانية، شَهِدت الجلسة التشريعية العامة لمجلس النواب، يوم 5 فبراير 2025، مهزلةً تشريعية بكل المقاييس ضربت في العمق مَفهوم الديمقراطية ومزاعِمَ الدولة الاجتماعية، حيث تم تــــمــــرير هذا القانون التنظيمي التكبيلي ب %21.23 مـــــن الأصوات فــــقــــط، في غــــيــــاب 291 بـــــرلــــمـــاني أي % 73.67 من أصل 395 نائبا برلمانيا أغلبهم غير مقتنعين بشرعية هذا القانون.
يالها من مهزلة تشريعية لقانون مجتمعي يهم حاضر ومستقبل عالم الشغل ! ! !
فأي شرعية لهذا القانون؟
ويا عجباه من المقاربة الحكومية لقانون مــــجـــــتـــمــــــعي مــــصـــــيري يهم الطبقة العاملة وعموم الاجراء وباقي الفئات من المجتمع!
أخــــــــواتـــــــــــــــــي، إخـــــــــــــــــــــــوانــــــــــــــي،
لقد قاد اتحادنا، عدة نضالات وطنيا وقطاعيا وداخل المؤسسات الانتاجية دفاعا عن الحريات النقابية وعن حقوق ومكتسبات الموظفين والعمال وعموم الأجراء، تكللت بتحقيق العديد من المكتسبات الجديدة.
هذا الزخم النضالي ومصداقية الاتحـــاد المغربــــي للشغــــل، ووفــــــــــــــاؤُه للمبادئ وللقيم النقابية السليمة وثبات وصلابة مواقفه، وإشعاعه النضالي، وطنيا ودوليا، ودفَـــــاعِــــه بكل وفاء عن قضايا وحقوق الأجراء، قد جعل من منظمتنا، قِــــبْـــــلَـــــة وقلعة للمناضلات والمناضلين، ومحجا وملاذا لجموع غفيرة من الأجراء عَززت صفوفه في فروعه النقابية بمختلف الجهات والأقاليم.
إلتحاقات جماعية من قطاعات وازنة واستراتيجية، فهنيئا لأخواتنا وإخواننا الملتحقين في منظمتهم وبين إخوانهم وهنيئا على حسن اختيارهم لإطارهم النقابي الوطني والتاريخي، الاتحـــاد المغربــــي للشغــــل.
وبنفس الزخم قامت الأكاديمية النقابية للدراسات والتكوين التابعة للاتحاد المغربي للشغل بأنشطة مكثفة للتكوين النقابي والثقافة العمالية وبتأطير وتأهيل المئات من المناضلات والمناضلين من مختلف الأجيال والقطاعات والجهات، أفرزت جيلا جديدا من القيادات النقابية الكفؤة.
أخــــــــواتـــــــــــــــــي، إخـــــــــــــــــــــــوانــــــــــــــي،
انطلاقا من وثائق المؤتمر الوطني الثالث عشر التي أثمرت تحليلا دقيقا و معمقا للأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، و بعد الوقوف على واقع و قضايا الطبقة العاملة المغربية، بلورت منظمتنا العتيدة ملفا مطلبيا متكاملا تتجلى محاوره فيما يلي :
- إعادة النظر في القانون التكبيلي للإضراب لجعله مُنسجما مع المبادئ الديمقراطية والمقتضيات الدستورية والمواثيق الدولية بما يضمن حماية حقيقية للحق في الإضراب؛
- إلغاء الفصل 288 المشؤوم من القانون الجنائي وحماية الحريات النقابية وإرجاع كافة العاملات والعمال المطرودين والموقوفين لأسباب نقابية إلى عملهم؛
- زيادة عامة في الأجور، وزيادة الحد الأدنى للأجور وتفعيل المساواة بين SMIG و SMAG الحد الأدنى للأجر في القطاع الصناعي والخدماتي و الحد الأدنى للأجر في القطاع الفلاحي، والزيادة في معاشات التقاعد، والتعويضات العائلية وتطبيق السلم المتحرك للأجور والأسعار؛
- إقرار عدالة ضريبية عبر مراجعة منظومة الضريبة على الأجر وإحداث ضريبة على الثروة ؛
- اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة غلاء المعيشة وحماية القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم المواطنات والمواطنين عبر تسقيف أسعار المحروقات والمواد الغذائية والخدماتية الأساسية ومحاربة الوسطاء وكل أشكال المضاربات والاحتكارات؛
- معالجة الاختلالات التي يعرفها تفعيل ورش الحماية الاجتماعية على مستوى الاستهداف والحكامة واستدامة التمويل وتوفير العرض الصحي العمومي الجيد؛
- إقرار مقاربة اجتماعية تشاركية للنهوض بأنظمة التقاعد عبر تحمل الدولة لمسؤولياتها كاملة في ضمان معالجة هذا الملف والحفاظ على مكتسبات الأجراء؛ وعدم تحميل المنخرطات والمنخرطين تــــَــبــــِــعات سوء الحكامة وسوء تدبير صناديق التقاعد؛
- إحداث مؤسسة وطنية للحوار الاجتماعي ثلاثية التركيبة مؤطرة بقانون من أجل مأسسة فعلية للتفاوض الدوري والمنتظم؛
- وضع استراتيجية وطنية لمأسسة المساواة الفعلية بين الجنسين والقضاء على كل أشكال التمييز والعنف، في أماكن العمل، واتخاذ إجراءات لإنصاف الأجراء في وضعية إعاقة وتحقيق اندماجهم المهني؛
- الاستجابة للمطالب العامة القطاعية والفئوية للأجراء في القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وكذلك القطاع الخاص الصناعي والفلاحي والمنجمي والخدماتي؛
- إقرار سياسة وطنية إرادية ناجعة لإدماج العاطلات والعاطلين في سوق الشغل وجعل حد للسمسرة في اليد العاملة، والعمل الهش، والتشغيل عبر الوساطة أو شركات المناولة، وضمان الحقوق الشغلية لكافة العاملات والعمال.
أخــــــــواتـــــــــــــــــي، إخـــــــــــــــــــــــوانــــــــــــــي،
بــــعــــد ســـنــــة بيضاء على مســـتــــوى الحـــــوار الاجــــتــــمــــــاعي المـــــركزي، عقدرئيس الحـــــكـــــومة مـــــع قـــــيـــــادة الاتـــــحـــــاد المـــــغربي للشــــغـــــل “جلسة للحوار الاجتماعي” يوم الثلاثاء 22 أبريل 2025.
وقد أكــــــــدَّ وفد الاتحاد المغربي للشغل خلال هذه الجلسة على المواقف الثابتة و على المطالب المشروعة و العادلة لعموم الطبقة العاملة، كما جدد دعوته للحكومة إلى تحمل مسؤولياتها في الاستجابة لهذه المطالب في القطاعين العام و الخاص، دون تسويف أو مماطلة، مؤكدا رفْضَهُ لاختزال الحوار الاجتماعي في لحظات شكلية لا تُــــــنــــْتِــــــــجُ توافقات و لا تحقق مَكاسِبَ للطبقة العاملة.
وفي هذا السياق، نجدد التأكيد على أن الحوار الاجتماعي الجاد والمسؤول، ليس تَــــــرَفــــــًا بل رَكـــــيزَةً أسَـــــــــاسِيَةً للاستقرار السياسي والاجتماعي، ومُحَركاً ضروريا للتنمية الاقتصادية.
إننا في حاجة إلى تفاوض حقيقي يُفْضِي إلى تعاقدات اجتماعية واضحة ومُــــــلْـــــزِمـــَة، تضمن التوازن بين الحقوق والواجبات، وتحترم كرامة الأجراء، وتُحَصِّنُ الاستثمارات، وتُؤَمِّنُ التماسك المجتمعي.
إننا في الاتحاد المغربي للشغل، نؤمن بأن التَّنْمِيَةَ الشَامِلَةَ لا يمكن حَصْرُهَا في مؤشرات النمو الاقتصادي، بل يجب أن تُقَاسَ بمدى توفير العمل اللائق والتوزيع العادل للثروات واحترام الحقوق والحريات النقابية و في مقدمتها الحق في التنظيم و التفاوض و الحق في ممارسة الإضراب.
أخــــــــواتـــــــــــــــــي، إخـــــــــــــــــــــــوانــــــــــــــي،
إن تَــــــنَـــــــامي أدوار الاتحاد المغربي للشغل الحيوية في الحركة النقابية الدولية، جعلته يحظى بإشعاع كبير، ما فتئت مُـــــنَــــظَمَـــــــتُــــــنا تعمل عَبْرَه على تطوير وتنمية أواصر التعاون والتضامن بين العمال مغاربيا، عربيا، إفريقيا ودوليا، مما يُجَسِّدُ مكانة الاتحاد في الحركة النقابية الدولية الحرة والمستقلة.
وفي هذا الإطار، نُجَدِّدُ باسم الاتحاد المغربي للشغل تَشَبُّتَنا الراسخ ودفاعنا الثابت عن الوحدة الترابية لبلدنا، وندعو المنتظم الدولي للتدخل العاجل من أجل وضع حد لمأساة أخواتنا وإخواننا المحتجزين فوق التراب الجزائري، كما نُشَدِّدُ على أن الإجماع الذي تحظى به القضية الوطنية يقتضي المزيد من التعبئة على كل المستويات.
وبهذه المناسبة، نُشيد بما يقوم به ممثلو وممثلات الاتحاد المغربي للشغل من أدوار محورية، في العديد من المحافل النقابية الدولية، لمواجهة خصوم وحدتنا الترابية.
كما لا يَــــــفُــــوتُـــــنا أن نُجدد إدانتنا الشديدة لاستمرار حرب الإبادة الجماعية، التي يَـــــقْــــــتَـــــرفُــــــها جيش الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، ونعلن تضامننا المطلق مع نضالات وكفاحات الطبقة العاملة الفلسطينية وعموم الشعب الفلسطيني في مواجهة الغطرسة الصهيونية، ورَفْضَنا لمشروع تهجير الفلسطينيين من أرضهم، كما نؤكد على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية الموحدة وعاصمتها القدس.
ومن جديد نعاهدكم، أخواتي إخواني، أننا لن نُــــــــــــخـــْلِـــــــفَ الموعد، بل سنبقى أوفياء لهوية ومبادئ وتاريخ وأهداف الاتحاد المغربي للشغل حتى تتمكن الطبقة العاملة من تحقيق كامل طموحاتها.
كما نجدد التزامنا بخدمة مصالح العاملات والعمال والجماهير الشعبية وصيانة مكتسباتها والدفاع عن حقوقها، ومواصلة النضال حتى تحقيق الديمقراطية الحقة، والعدالة الاجتماعية، وازدهار الوطن وتقدمه، وضمان الحياة الكريمة لعمال وشعب المغرب.
عاشت الطبقة العاملة المغربية
عاش الاتحاد المغربي للشغل
عاش المغرب
فاتح ماي 2025