في الوقت الذي كنا نتوقع أن تأخذ إدارة المقاومة على محمل الجد ملاحظاتنا المتضَمَّنة في المراسلة التي وجهناها لها والمتعلقة بتدبير ملف حراسة المقرات الإدارية، والتي نبهنا فيها إلى أهمية اتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية لحماية الأطر والموظفين، أبت إدارة المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، إلا أن تتمادى في خرقها للدستور والقوانين، ضاربة عرض الحائط كل ما حققه المغرب في مجال النهوض بحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير وحرية الانتماء النقابي.
وهكذا، أقدمت الإدارة على توجيه استفسار للأخ عثمان سركوح، عضو المكتب الوطني لنقابتنا، على تصريحه الصحفي بصفته النقابية لموقع مدار 21، والذي عرض فيه موقف النقابة من قضية توقيف حراسة المقرات الإدارية، ودافع فيه عن هذا الموقف، مطالبا بضرورة توفير حراسة لمقرات العمل، ومعربا عن تضامنه مع الحراس الذين تم تسريحهم بطريقة غير لائقة وتطبعها اللامبالاة في ظرفية اقتصادية واجتماعية عصيبة تتسم بغلاء الأسعار وضعف القدرة الشرائية وارتفاع معدلات التضخم، مما يطرح مشكلة اجتماعية عويصة لفئة تعاني العوز والهشاشة.
استفسار اختارت فيه الإدارة مرة أخرى سياسة الهروب إلى الأمام وتشويه الحقائق بدل التجاوب مع مطالب الشغيلة، كما أن كاتب الاستفسار وبدافع الانتقام بعدما حَمَّلَهُ رئيسه مسؤولية إثارة المشكل، وأراد أن ينفس عن نفسه وصاغ استفسارا مجانبا للصواب، حيث اختار عن قصد تجاوز المعنى المقصود لصفة أمين المال كمسؤول نقابي، ومراسلته مستفسرا إياه عن تصريحات أدلى بها بصفته النقابية، كما أن العبارات المضمنة (بالاستفسار) يلزمها نوع من “التعقيم” اللغوي والاصطلاحي لأنها تكشف حجم العداء الكبير للنقابيين داخل مؤسسة وطنية تعي جيدا أهمية النضال النقابي كجزء لا يتجزأ من الفعل الوطني من أجل الحرية والاستقلال وقد تمادت الإدارة من خلال الاستفسار في استفزازها عبر تقديم ملاحظات شاذة، تكشف عن نواياها العدوانية التي أبانت عنها قبل وأثناء وجود إطار نقابي منتمٍ للاتحاد المغربي للشغل.
إن المكتب الوطني للنقابة وهو يستنكر تماطل الإدارة في الوفاء بوعودها؛ خاصة ما يتعلق باحترام الحريات النقابية، فإنه يسجل بتحفظ واستهجان شديدين موقفها المتعنت من الرسالة الصادرة عن المكتب الوطني فيما يتعلق بقضية توقيف أعوان الحراسة الذين يقومون بتأمين
مقرات العمل بدافع انتهاء صلاحية العقد مع الشركة المكلفة بتقديم هذه الخدمة في نهاية دجنبر الماضي، واكتفاء الإدارة بشكل مؤقت بطلب هذا النوع من الخدمة عبر سندات الطلب في انتظار استكمال الصفقة المتعلقة بالموضوع.
وبهذه المناسبة يعلن المكتب الوطني ما يلي:
1- إن الأخ عثمان سركوح بصفته عضو المكتب الوطني للنقابة مفوض للتصريح باسم هذا الأخير، وتصريحه يعتبر رسميا باسم المكتب الوطني وملزما لمكتبها ومنخرطيها وأن الأمر شأن داخلي للنقابة لا يحق للإدارة التدخل فيه؛
2- يشيد المكتب الوطني بتصريح الأخ عثمان سركوح الذي كان في مستوى التفويض المخول له للتصريح في ملف مهني واجتماعي يمس موظفي القطاع وفئة أعوان الحراسة الذين تم تسريحهم تعسفا؛
3- لقد عرض الأخ عثمان سركوح بصفته النقابية، موقف الجهاز النقابي بصفته جهازا تمثيليا للشغيلة، وهو موقف غير قابل للشخصنة، بل هو موقف جماعي معبر عنه في إطار نقابي صرف؛
– لم يخُض الأخ عثمان سركوح باسم الجهاز النقابي في أسرار الإدارة أو أساء لأي مسؤول أو موظف بها، بل عرض بشكل صريح موقف المكتب الوطني في إطار حرية التعبير وحق الجهاز النقابي في إصدار البيانات والإفصاح عن موقفه من سوء أحوال المؤسسة، وهو حق مقدس لا يقبل التفاوض أو المساومة، كما أنه حق مكفول بقوة القانون والمواثيق الوطنية والدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية؛
5- نلفت انتباه الإدارة أنه من حق الإطار النقابي أن يستنكر غياب حراسة مقرات العمل تأمينا لما تحتويه من وسائل العمل وممتلكات عمومية، ومواد ومعروضات متحفية وأدوات كانت تستعمل إبان فترة الكفاح من أجل الاستقلال؛
6- يدين المكتب الوطني بشدة أسلوب الإدارة في مصادرة حق أصيل من حقوق الإنسان؛ وهو الحق في إبداء الرأي والتعبير حول قضية إنسانية واجتماعية معقدة، ورفضه المطلق لأي تدخل في شأنه التنظيمي الداخلي، واعتباره ذلك اعتداء صريحا على الحق في التنظيم والحرية النقابية وخرقا واضحا للدستور وللقوانين ذات الصلة وتطاولا على اختصاصات الغير؛
7- تنديده باستمرار الإدارة في ترك المقرات الإدارية بدون حراسة وتعريضه لحياة شغيلة القطاع للخطر، وتركهم بدون حماية خاصة الموظفات والقيمات، وكذا من يشتغلون في مناطق نائية وصعبة، وهو ما يستوجب المساءلة؛
8- يحمل المكتب الوطني الإدارة مسؤولية احتقان الوضع، ويستنكر سياسة التغول المخالفة للقانون ولمضامين الحوار الاجتماعي؛
9- يدعو المكتب الوطني الشغيلة مركزيا وعلى صعيد النيابات الجهوية والإقليمية والمكاتب المحلية وفضاءات الذاكرة التاريخية إلى اليقظة والتعبئة لمواجهة التغول الممارس من طرف الإدارة؛
10- يحتفظ المكتب بحقه في اتباع السبل القانونية والمشروعة لمواجهة تغول الإدارة، كما أنه لن يتوانى في الدفاع عن حقه في ممارسة العمل النقابي، وفضح الواقع المهني والاجتماعي المستفحل لشغيلة القطاع، وكذا تعرية كل الممارسات الفاسدة والمنحرفة واعتباره ذلك مؤشرا واضحا على تراجع منسوب القيم داخل الإدارة، وعنوانا على العجز الفظيع في عدم القدرة على تحمل وجود الصوت النقابي الحر داخلها، وسيادة سياسة تمييزية وانتقائية وانتقامية في سلك المساطر القانونية عبر فبركة ملفات وهمية؛
11- يسجل المكتب الوطني وبأسف شديد غياب أي تصور للمرحلة الحالية لدى الإدارة التي تعتمد اختلاق الصراع، وتغييب فضيلة الحوار الجاد والمثمر، عبر اعتماد منهجية التشاور مع الشريك الاجتماعي في هذه الظرفية الحساسة؛
12- يشيد بوسائل الإعلام بمختلف أنواعها في تتبع ما تعيشه شغيلة المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير من تضييق وانتهاك لحقوق الإنسان والحريات النقابية؛
عاشت شغيلة المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.
عاش الاتحاد المغربي للشغل.
المكتب الوطني، الرباط في 15 أبريل 2023