كما هو متعارف عليه فإن اكتساب شرعية التمثيل يمر وجوبا عبر الانتخابات الحرة والنزيهة والمنتظمة، كما ينص على ذلك الفصل الثاني من الدستور.
في إطار تجسيد مفهوم الديمقراطية التشاركية التي ترمي إلى إقرار التمثيل المهني للمستخدمين الذي يستمد شرعيته من خلال صناديق الاقتراع ،تأتي انتخابات ممثلي المستخدمين يوم 16 يونيو 2021 لتشكل أحد مقومات نظام العلاقات المهنية
و كذلك تبدو أهمية هذه الانتخابات في كونها الالية الوحيدة لتفعيل المعيارالأساسي لتحديد المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا على المستوى الوطني، وعلى مستوى المقاولة، مع ما يترتب عن ذلك ومن حقوق وصلاحيات يخولها القانون لهذه المنظمات في مجال تمثيل الاجراء، وتأطيرهم والتفاوض باسمهم، وتوقيع اتفاقيات الشغل الجماعية، والمساهمة في تطوير القانون التعاقدي للشغل، ناهيك عن الحقوق والصلاحيات المخولة لمندوبي الاجراء بهذه الصفة كممثلين داخل الهيئات التمثيلية للأجراء على مستوى المقاولة.
وذلك بالنظر للمكانة التي أولاها الدستور للمنظمات النقابية كإطار يسمح بتمثيل الشغيلة ويدافع عن مصالحها وشريك اجتماعي في بلورة السياسات العمومية ثم كقاعدة انتخابية تصوت على ممثل المأجورين في مجلس المستشارين وبالمجلس الأعلى للوظيفة العمومية وتحدد على أساسها المركزيات النقابية بالمؤسسات الدستورية الوطنية الاستشارية . وعلى هذا الأساس أقر المشرع المغربي من خلال الفصل 11 من النظام الأساسي العام ، وعلى إمكانية
اللجان الادارية المقرر إجراؤها يوم 16 يونيو 2021 وفق المقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل من أجل إنجاحها وتعزيز مصداقيتها.
اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء هي هيئات استشارية تنظر في بعض القضايا الفردية المتعلقة بالمسار المهني للموظف، المنصوص عليها في الظهير الشريف رقم 1.58.008 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بشأن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والمراسيم الصادرة بتطبيقه.
وتتألف هذه اللجان من عدد متساو من ممثلين عن الإدارة يعينون بقرار من الوزير المعني بالأمر، ومن ممثلين عن الموظفين يتم انتخابهم من طرف موظفي الإدارة المعنية.
تعتبر اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء ، فضاءات لتدارس أوضاع الموظفين أكثر منها آلية للتفاوض بشأن عدد من القضايا التي تهم الحياة المهنية والاجتماعية للموظفين ، ذلك أن عملها ينحصر حاليا في المشاركة أو المساهمة إلى جانب الإدارة في إصدار قرارات تهم الوضعية الإدارية للموظفين. وهذا ما يكسب مهامها صفة “مهام وظيفية” عكس المنظمات المهنية والنقابية التي تعتبر بدورها هيئات تمثيلية للموظفين والعمال ، غير أنها لا توجد في جميع الادارات. لذلك نجد أن المشرع المغربي أقر بإجراء انتخابات لمثلي الموظفين داخل الإدارات العمومية لتشكيل هيئة استشارية تساهم في تدبير شؤون الموظفين. مع التذكير هنا أن كل ما يتعلق بالمطالب الجماعية يخرج من دائرة اختصاص ممثلي الموظفين باللجان والإدارية خصوصا بعد تدخل المشرع لترسيم الحدود الفاصلة بين مهام الممثل النقابي وممثل الموظفين من خلال النصوص المنظمة لعمل الهيئتين معا ، ليؤكد أن مطالب الموظفين هي من اختصاص الممثل النقابي فيما حصر مهام ممثل الموظفين باللجان الإدارية في تتبع الوضعية الإدارية للموظف. مع العلم أن المشرع المغربي ووفق مقتضيات النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.خول حرية الانخراط في النقابات بحيث ترك لجميع الموظفين حق الاختيار في الانخراط في أية نقابة من عدمه ، باستثناء بعض الموظفين الممنوع عليهم الانتماء النقابي لخصوصية وظائفهم.
.ولقد سعى المشرع من خلال إقرار هذا النص إلى تمكين الموظفين من آليات لإشراكهم في بعض القرارات الصادرة عن الإدارة المتعلقة بحياتهم الإدارية والدفاع عن حقوق والضمانات المخولة للموظفين ، آخذا في نفس الوقت بالحسبان أن مشاركة فاعلة لممثلي الموظفين ، تمكن من تسيير فاعل ، من خلال تحسين العلاقات داخل العمل وكوسيلة للإعلام والاتصال.
ومن بين الأدوار الأساسية التي تم تخويلها لهذه المؤسسة هو اعتبارها طرفا فاعلا بالإدارة منذ ما يزيد عن 50 سنة من عمرها، من خلال مساهمتها في تطوير مفهوم وظيفة الموارد البشرية ، وذلك بالإسهام في الانتقال من منطق التسيير القانوني الصرف لشؤون الموظفين إلى منطق التدبير الحديث للموارد البشرية ، وإن كنا لم نحقق ذلك الهدف الكبير، والمحدد في تأهيل وتطويرالقدرات التدبيرية للإدارة المغربية وتحقيق ” إدارة المرتفق”.
وبالرغم من ذلك، فإنه يجب الاعتراف، بأن هذا التمثيل في حد ذاته يعتبر مظهرا من مظاهر الديمقراطية ولا سيما عند اصداره في سنة 1959 حيث لم يكن بعد يعرف المغرب مؤسسات ديمقراطية ( البرلمان 1963)، وهذا يدفعنا إلى الدعوة لايلاء هذه المؤسسة التمثيلية الاهمية التي تليق بها ، وذلك في سياق منظم ذو طابع مؤسساتي الشيء الذي يتطلب تدعيم ثقافة خاصة للموظفين العموميين عن طريق ممثليهم بتمكينهم من كافة المعلومات والبيانات التي من شأنها المساهمة في تطوير وضعياتهم والحفاظ على حقوقهم وتأهيلهم للرفع من قدراتهم المعرفية لتقديم خدمة عمومية جيدة تستجيب لحاجيات المرتفقين.
لقد عرف المرسوم رقم 2.59.200 الآنف الذكر منذ صدوره، ستة تعديلات كان آخرها سنة 2003. وتعتبر تغييرات سنة 1997 أهم تعديل بحكم المستجدات التي أتت بها ولاسيما فيما يتعلق بتركيب اللجان وطرق ونمط الانتخابات .
ولقد امتد هذا الاختلال بدوره إلى تمثيلية الموظفين داخل الهيئات الاستشارية، وهكذا نجد مثلا المجلس الأعلى للوظيفة العمومية يمثل به أعضاء ليست لهم الكفاءة المطلوبة. فالديمقراطية شيء مرغوب فيه، لكن اعتمادها أحيانا بدون قواعد محددة ، قد يؤدي إلى غياب آليات لتفعيل الديمقراطية داخل مثل هذه المؤسسات، والتي يتطلب العمل بها التوفر على رصيد مهم من المعرفة القانونية والإدارية.
أما إذا قمنا بدراسة مقارنة و لا سيما مع مدونة الشغل ، فالأمر مختلف تماما ولا مجال للمقارنة ، فإذا كان عدد ممثلي الموظفين بالنسبة ل 1000 موظف بلجنة معينة يخول 4