لقد سبق لنا في فريق الاتحاد المغربي للشغل وفي أكثر من مناسبة (آخرها فبراير 2020) أن طرحنا من هذا المنبر نفس السؤال لإثارة الانتباه إلى عدم تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة العمال في ملفات نزاعات الشغل والأساليب المتبعة من لدن بعض أرباب العمل للتملص من تنفيذها والتأثير السلبي لهذا الوضع على مصداقية الأحكام وثقة المواطنين في المنظومة القضائية ببلادنا، وكنا نأمل أن تتحمل الدولة كامل مسؤولياتها لفرض تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح الأجراء بشكل عام والعمال بشكل خاص، لكن لازال الآلاف من العمال ينتظرون منذ سنوات نيل حقوقهم بعد صدور أحكام نهائية لصالحهم ولازالت نفس الممارسات التحايلية والتحقيرية للقضاء هي السائدة على مرأى ومسمع من السلطات العمومية.
ويكفي هنا أن نشير، على سبيل المثال لا للحصر، لبعض الشركات التي رفضت تنفيذ أحكام نهائية لصالح العمال (دوليطكس للملابس رونيس للأحدية روحان للأحدية ميتريز لوازم الخياطة لينا واش للملابس، مطاحن الساحل…)، لكن المثال الصارخ لتحقير الأحكام النهائية ببلادنا، يأتينا من شركة APM Terminals بميناء طنجة المتوسط، حيث أصدرت المحكمة الابتدائية أحكاما بإرجاع النقابيين المطرودين وهي الأحكام الذي أقرتها محكمة الاستئناف وبعدها محكمة النقض، ومع ذلك رفضت الشركة تنفيذ هذه الأحكام كما تؤكد ذلك محاضر المفوض القضائي. وعلى الرغم من دعوى الغرامة التهديدية وشكاية تحقير المقررات القضائية التي تقدم بها العمال المعنيون. كما سبق للأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل أن راسلت وزارة العدل ورئاسة النيابة العامة بهذا الخصوص، لكن لازالت ماضية في رفضها لتطبيق قرارات المحكمة ولا من يحرك ساكنا من الجهات الرسمية الوصية على القضاء ببلادنا.
حقيقة، السيد الوزير، أن الدستور المغربي نص في الفصل 126 على إلزامية تنفيذ الأحكام القضائية النهائية على الجميع، للمساواة بين المواطنين أمام القضاء واحتراما وتكريسا لحقوق الإنسان في بلادنا، وتنصيص القوانين الشغلية على مجموعة من الحقوق لصالح العمال وعلى رأسها الحق النقابي. لكن لا ينفع أن نتحدث عن حق لا نفاذ له على أرض الواقع، ولا عن الحماية القضائية بدون تحقق تنفيذ الأحكام النهائية. إن الهدف المتوخى من اللجوء إلى القضاء هو تنفيذ الأحكام القضائية، وعدم التنفيذ أو التأخير فيه بالإضافة إلى كونه مساسا صارخا بالدستور والقوانين ببلادنا، يلحق أضرارا جسيمة بالمحكوم له، يجب جبرها.
إننا في فريق الاتحاد المغربي للشغل نؤكد من هذا المنبر مرة أخرى:
- أن تنفيذ الأحكام القضائية المرتبطة بنزاعات الشغل وتتبعها هو من مسؤولية الدولة التي تمتلك كافة الوسائل المادية والمعنوية لفرض احترام القانون
- مراجعة كيفيات تطبيق الأحكام القضائية المرتبطة بنزاعات الشغل الجماعية حتى لا تظل محصورة على الممتلكات ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻘﻮﻟﺔ.
- وضع آليات لتتبع تنفيذ الأحكام القضائية المرتبطة بنزاعات الشغل مع إشراك الفرقاء الاجتماعيين بمن فيهم ممثلي أرباب العمل، إن اقتضت الضرورة ذلك، لتسهيل عملية تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء، وعلى غرار تقوم به الوزارة مع شركات التأمين.