غيب الموت عن الساحة النضالية ببلادنا و بالمكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب – قطاع الماء- أخانا و رفيقنا الكاتب العام للجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب، عبد السلام أومالك تغمده الله بوافر رحمته و اسكنه فسيح جناته، الذي ضحى بالغالي و النفيس للدفاع عن قطاع الماء بالمكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب، و حقوق و مكتسبات المستخدمين، دون التفكير في مكاسب شخصية أو عائلية و دون مساومة في ملفات الشغيلة.
بمناسبة أربعينية وفاة الأخ أومالك نجدد لروحه الطاهرة كل معاني الاعتزاز والامتنان ونقف اكبارا واجلالا ووفاء لإرثه النضالي الذي نستحضره في هذه الذكرى الاليمة وكذا بعضا من مناقب وخصال هذا الرجل وما أسداه للوطن وللمكتب والمستخدمين من تضحيات جسام بسخاء وعفوية و غزارة، و دون حسابات شخصية او منفعية دونية لما تشبع به من روح النضال الوحدوي العفيف المبني على نكران الذات و العطاء بدون مقابل او منفعة شخصية، جاعلا مصلحة القطاع و الاعوان فوق كل شيء.
هذا المناضل الشريف و منذ صغر سنه أيام الدراسات الثانوية ، و كجميع مناضلي جيله آنذاك، انخرط في العمل النضالي الجماهيري الذي تشبع من خلاله بالخصال الحميدة و المبادئ و القيم النبيلة الصادقة و الشهامة و المروءة ، الشيء الذي أهله و هيأه لحمل مشعل النضال الطلابي في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ابان سنوات السبعينات، النقابة الطلابية التي تخرج منها مناضلا مؤمنا بقيم الدفاع عن الحقوق وصون المكتسبات، حيث اعتقل من أجل أفكاره و قناعاته بمدينة مكناس سنة 1977 و قضى ثلاث سنوات في غيابات السجن ليتم الافراج عنه سنة 1980، ثم اعتقل ثانية رفقة المرحومة زوجته ليلى عبابو لمدة ثلاثة أشهر بالدارالبيضاء سنة 1981، بعد اتمام محكوميته، التحق في نفس السنة بالمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، كتقني بمعامل الدار البيضاء. هنا انخرط في صفوف الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل إلى جانب مجموعة من المناضلين الصادقين الذين حملوا مشعل النضال للحفاظ على هذا التنظيم قويا و نزيها و وحدويا، ذو مصداقية لدى عموم أعوان المكتب، ليصبح كاتبا عاما لها لثلاث ولايات متتالية كانت أخرها بمناسبة المؤتمر الوطني الثالث عشرة المنعقد أيام 26 و 27 و 28 ابريل 2019 حيث تم التمسك به كاتبا عاما للجامعة لغزارة عطائه و صدقه و تمسكه بالقيادة الجماعية و العمل الوحدوي داخل صفوف الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب.
كل من عاشر الفقيد من داخل او خارج المكتب ، يشهد له بحنكته و علو كعبه في التفكير و غزارة الكتابة و الدرس و عمق التحليل و النظرة الثاقبة لمختلف القضايا الوطنية و تلك المرتبطة بقطاع الماء بالمكتب و عموم هموم و مطالب أعوان المكتب.
رحل الأخ اومالك عبد السلام تاركا وراءه كما هائلا من الكتابات و الدراسات التي تهم القطاع و تتطرق لما يحاك في الخفاء ضد المكتب بغية تفكيكه و تفتيت و تفويت خدماته للخواص ، سنده في ذلك المعطيات و التوجهات العامة المتضمنة في عقدة البرنامج بين المكتب و الدولة لما بين سنتي 2014 و 2017،و كذلك مجموع الترسانة القانونية التي سنها المشرع المغربي التي تخص ،حسب ما جاء في قانون تجميع المكتبين 09-40 :” إعادة تنظيم أنشطة انتاج الكهرباء و الماء الصالح للشرب و نقلهما و توزيعهما و تسويقهما”، و كذا الأدوار الجديدة للدولة المتمثلة في التملص من واجباتها اتجاه هذين القطاعين الحيويين و تفويتهما للقطاع الخاص مثل ماهي ماضية فيه بخصوص مجموعة من القطاعات كالتعليم و الصحة و التعاضد و غير ذلك. كما قامت الجامعة خلال توليه لرئاستها بالتصدي لمجموع هذه المخططات عبر التعريف برأيها لدى عموم المواطنين و أعوان المكتب و عبر التنسيق مع الجامعة الوطنية للكهرباء و الكونفدرالية العامة للشغل ، و كذا عبر اصدار مجموعة من الدراسات و التجمعات الجهوية و الإقليمية و خلال اجتماع أجهزة الجامعة من مكتب جامعي و لجنة إدارية و مجلس وطني تؤكد فيه الجامعة دائما من مخاطر ادماج مكتب الماء و الكهرباء و كذا السياسات العامة الرامية الى تفويت القطاع للخواص و ما لذلك من انعكاسات سلبية على القطاع و الاعوان و عموم المواطنين ، زد على ذلك ما قامت به من خطوات نضالية ميدانية من إضرابات ووقفات و اعتصامات تصب كلها في نفس الاتجاه.
كما حققت الجامعة، خلال توليه رئاستها مجموعة من المكاسب المهمة على الصعيد الأجري والإداري والمهني والحريات النقابية.
في ظل هكذا اصرار من الاخ الكاتب العام المتوفى و رفاقه في النضال للتصدي لكل المؤامرات التي تحاك ضد المكتب، يباغت مرض القلب كاتبنا العام الذي قاوم المرض بكل عزيمة و يقين و صلب و تجلد، عندما اشتد به المرض تم وضعه بمصلحة القلب و الشرايين بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، حيث تلقى العلاج و العناية، إلى أن أصيب بفيروس كورونا. ليتلقى العلاج بإحدى المصحات نظرا لظروفه الصحية الصعبة والحرجة.
لم يمهل المرض أخانا عبد السلام كثيرا حيث امتدت إليه يد المنون و فارق الحياة صبيحة يوم الاربعاء 11 نونبر 2020.
حال بيننا بالجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب وبين الحضور المكثف جنازة كاتبنا العام الحالة الوبائية التي تمر منها البلاد و حالة الطوارئ، الشيء الذي أدى إلى تأجيل تأبين يليق بالراحل و بما أسداه من خدمات جليلة للوطن و للمكتب الوطني و للجامعة بالخصوص إلى حين تحسن الحالة الوبائية بالبلاد.
وإذ نعزي ابنة الفقيد مريم واخوانه و أخواته، فإننا نعزي عائلته كافة، و كذلك كل رفاقه و اصدقائه و معارفه و محبيه و كذلك كل من قدم يد المساعدة لانقاد حياة الاخ الكاتب العام.
و نتقدم بالشكر الجزيل لكل من: الاخ الامين العام للاتحاد المغربي للشغل و للسيد المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب و للاخ الكاتب العام للجامعة الوطنية لعمال الطاقة، لما قدموه من مساعدة و دعم مباشرين. كما نتوجه بالشكر لكافة الرفاق الذين عاشوا معانات الاخ الكاتب العام سواء بالمستشفى او المصحة او بالمقبرة.
رحم الله عبد السلام أومالك، و اسكنه فسيح جناته، و رزق الله ابنته و اخوانه و اخواته و رفاقه و اصدقاءه و محبيه و كافة المستخدمين جميل الصبر و السلوان.إنا لله و إنا إليه راجعون.
الرباط 20 دجنبر 2020 عـــــن المكتب الجامعي