إن المؤتمر الوطني الثاني عشر للاتحاد المغربي للشغل المنعقد أيام 15-16-17 مارس 2019 بمقر الاتحاد المغربي للشغل بالدار البيضاء، تحت شعار “من أجل مشروع مجتمعي يضع حدا لسوء النمو ويحقق العدالة الاجتماعية“، وهو المحطة التنظيمية التي عرفت نجاحا متميزا، عكسته المشاركة النوعية والوازنة للجامعات والنقابات الوطنية والاتحادات الجهوية والمحلية والتنظيمات الموازية، والذي حضر جلسته الافتتاحية ضيوف المؤتمر من حلفاء وأصدقاء الاتحاد المغربي للشغل من منظمات نقابية دولية وأحزاب سياسية وتنظيمات مهنية ومدنية وفعاليات اقتصادية وثقافية وفنية ومنابر إعلامية،
بعد استماعه للتقرير العام الذي قدمه الأمين العام والذي استحضر من خلاله السياق الدولي، والإقليمي والوطني الذي ينعقد فيه المؤتمر الوطني الثاني عشر، ودلالات الشعار وأبعاده، مستحضرا أهمية هذه المحطة التنظيمية ورهاناتها باعتبارها لحظة ديمقراطية لإغناء التراكم النضالي والأدبي والفكري والتنظيمي للاتحاد المغربي للشغل، الذي شكل منذ تأسيسه معادلة أساسية في الحقل الاجتماعي الوطني، وحظي بمكانة اعتبارية على المستوى الدولي.
وبعد وقوفه على ما يعرفه العالم من هجوم للامبريالية والرأسمالية المتوحشة على الشعوب وتفكيك كل البنيات والمؤسسات الوطنية المحلية، ومن متغيرات متسارعة وجارفة مؤسسة على عولمة ظالمة واقتصاد سوق متوحش، وما انتجته هذه الأوضاع من أزمات اجتماعية لها انعكاساتها المباشرةi على الطبقة العاملة في العديد من الدول والمناطق.
أما الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية في المغرب، فقد تميزت باستمرار الاختيارات اللاشعبية المملاة من طرف المؤسسات المالية والتجارية الدولية التي ترجمتها الحكومة القديمة الجديدة في قرارات وإجراءات جائرة، رفعت منسوب سوء النمو، وفاقمت الفوارق الاجتماعية والمجالية وأجهزت على القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم المواطنين.
وبعد تطرقه للتراجعات الحقوقية والانتهاكات السافرة التي يعرفها مجال الحريات والممارسة النقابية، ولمسلسل الطرد والتسريح الذي تتعرض له العاملات والعمال وانتشار الهشاشة في القطاعين الخاص والعام وتشجيع العمل الغير اللائق.
وبعد تقييمه لأداء الاتحاد المغربي للشغل على كافة المستويات وللنضالات التي خاضتها الطبقة العاملة بقيادته كمركزية أو بقيادة تنظيماته المهنية والجهوية، حيث شملت عددا من القطاعات الهامة سواء في القطاع الخاص أو القطاع العام، وبعد تحليله لأهم الإشكالات والقضايا التي تهم تطلعات الطبقة العاملة المغربية في العيش الكريم والتحديات الدولية والوطنية التي تواجه بلادنا والتي تقتضي البحث عن أجوبة جديدة للأسئلة الكبرى التي تطرحها العولمة، والتحولات المتسارعة المرافقة لها بالنسبة لقضايا اقتصاد السوق والمجتمع والدور الذي ينبغي أن تلعبه الدولة، ومكانة المسألة الاجتماعية داخل هرمية السياسات العمومية، فإن المؤتمر الوطني الثاني عشر :
- يثمن عاليا ما طبع مختلف المحطات التحضيرية لهذا الحدث النضالي والديمقراطي المتميز من جدية وتعبئة ومسؤولية وعمل جماعي وذلك في إطار احترام قواعد العمل المؤسساتي.
- يدعو إلى تعزيز دور الدولة الاجتماعي عبر التدخل لصالح الطبقة العاملة وعموم الفئات المتضررة والهشة، من خلال توفير شروط العيش الكريم والحماية الاجتماعية العادلة والرعاية الصحية الشاملة للحد من آثار الفوارق الطبقية والتأثيرات المتزايدة لمسلسل الغلاء وتدني الخدمات العمومية.
- يطالب باحترام الحريات النقابية، كما هو مسطر في الدستور وكل التشريعات الوطنية والدولية، وذلك بإيقاف مسلسل التضييق على العمل النقابي والذي يصل حد اعتقال المسؤولين النقابيين، ويجدد مطالبته بإلغاء الفصل 288 المشؤوم من القانون الجنائي، وتطبيق القانون فيما يخص وصولات الإيداع،
- يسجل تضامنه الكامل مع النضالات المشروعة للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد من أجل نيل كافة حقوقهم وتحقيق مطالبهم. كما يطالب بإطلاق سراح معتقلي الحركات الاجتماعية السلمية، وخاصة المعتقلين في صفوف المتظاهرين السلميين في حراكات الحسيمة وجرادة.
- يجدد تأكيده على ضرورة التراجع عن كل القوانين التراجعية وفي مقدمتها القانون التكبيلي للإضراب، وإلغاء التوظيف بالتعاقد في الوظيفة العمومية، وتوقيف كل المشاريع التي تهدف إلى الإجهاز على المكتسبات المادية والمهنية في المرفق العمومي.
- يؤكد على مطالبته بتحسين الدخل على مستوى الأجور والحد الأدنى للأجر، والمعاشات والحد الأدنى من المعاش، والرفع من التعويضات العائلية، وإقرار عدالة ضريبية عبر إعادة النظر بشكل جذري في منظومة الضريبة على الدخل.
- يدعو إلى تطوير المنظومة الوطنية للحماية الاجتماعية وإحداث الآليات الملائمة لتعميمها واستدامتها وحكامتها، ويطالب بوضع حد للعمل غير اللائق، ولكل أشكال الهشاشة، ويؤكد على ضرورة تجريم عدم التصريح بالعاملات والعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
- يطالب بالاستجابة للمطالب العامة والقطاعية والفئوية للأجراء في مختلف القطاعات والمؤسسات بالقطاع العام والخاص وشبه العمومي والمنجمي والخدماتي.
- يجدد مطالبته بنهج تفاوض جماعي جاد ومسؤول، يفضي إلى تعاقدات مسؤولة وجدية يتم احترام تنفيذها من كافة الأطراف.
- يدعو إلى رفع الحيف عن المرأة العاملة داخل أماكن العمل وخارجها من خلال حمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز وصيانة وضمان حقوقها في إطار تفعيل المقتضيات الدستورية والمواثيق الدولية ذات الصلة، ونشر ثقافة المساواة ونبذ التمييز بين الجنسين.
- يدعو الحكومة إلى الاهتمام بقضايا العمال المغاربة بالمهجر والدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم وتوفير الحماية الاجتماعية لهم ولأفراد أسرهم. كما يؤكد على ضرورة إيلاء عناية خاصة للمهاجرين الوافدين على بلادنا وفقا للمواثيق والاتفاقيات الدولية وللمنظومة الكونية لحقوق الإنسان.
- يجدد تشبث ودفاع الاتحاد المغربي للشغل عن الوحدة الترابية لبلادنا، واستكمالها باسترجاع سبتة ومليلية السليبتين والجزر الجعفرية المحتلة، ويشدد على أن الإجماع الذي تحظى به القضية الوطنية، يقتضي تقوية الجبهة الداخلية، والحرص على تعزيز مكتسبات بلادنا في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان، والاستقرار السياسي والاجتماعي لما لذلك من تأثير مباشر على مسار ومصير معركتنا الوطنية الكبرى، ويدعو إلى الإشراك الفعلي لكل القوى الحية في تدبير القضية الوطنية بما في ذلك التفعيل الأمثل للدبلوماسية النقابية والشعبية لمواجهة خصوم وحدتنا الترابية، مجددا مطالبته إيلاء الاهتمام اللازم والمستمر لقضية الدفاع عن حقوق مواطنينا المحتجزين في تندوف، وفي مقدمتها حقهم المشروع في العودة إلى وطنهم.
- يجدد دعمه الكامل للشعب الفلسطيني وقواه الحية، ويؤكد على حقوقه التاريخية المشروعة في إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس ومساندته لنضالات طبقته العاملة، ويستنكر بشدة تمادي الصهيونية في سياستها الاستعمارية التوسعية.
- يدعو القوى الحية والحركة النقابية العمالية دوليا، إقليميا ووطنيا إلى توحيد المعارك النضالية، والعمل على مواجهة تحديات العولمة المتوحشة وهيمنة الأسواق المالية والإجهاز على المكتسبات الديمقراطية والاجتماعية والحقوقية.
عاشت الطبقة العاملة المغربية
عاش الاتحاد المغربي للشغل
عاش المؤتمر الوطني الثاني عشر
البيضاء 17 مارس 2019