السيد الوزير
لقد كللت أشغال المؤتمر المئوي لمنظمة العمل الدولية في يونيو الماضي باعتماد معيارين جديدين، بشأن العنف والتحرش في عالم العمل. اتفاقية تعد أول صك دولي ملزم قانونًا بخصوص العنف في أماكن العمل، وتوصية ليست ملزمة قانونًا، إلا أنها تشمل مبادئ توجيهية بشأن كيفية تطبيق الاتفاقية، وبذلك تم الاعتراف بأن العنف والتحرش قد يشكلان انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، ويهددان تكافؤ الفرص والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للعديد من العاملات والعمال، ويحرمهم من حقهم في التمتع بحياة عمل آمنة وشروط عمل لائقة، كما تم الإقرار بحق كل فرد في دخول عالم عمل خالٍ من العنف والتحرش،
وبالطبع كان للاتحاد المغربي للشغل مساهماته المتميزة في كل مراحل إعداد والتعريف بمضمون الاتفاقية والترافع من أجل وضعها كمعيار دولي.
السيد الوزير
رغم غياب إحصائيات رسمية حول هذه الظاهرة محينة إلا أنها مستشريه بكل مظاهرها (التحرش و العنف الجسدي والنفسي، والجنسي والاقتصادي والاعتداءات اللفظية).في فضاءات العمل،16% بالنسبة لمواقع انتشار العنف (cadre de vie)، بمجموع 280 ألف امرأة (حسب البحث الوطني الأخير 2011 للمندوبية السامية للتخطيط).
حيث استعمال مواقع السلطة والنفوذ و التهديد خاصة بالقطاع الخاص وبالتحديد القطاع غير المهيكل الفضاء الخصب لاستغلال اليد العاملة الرخيصة وفي مقدمتها العمالة النسائية،(العاملات الزراعيات). وهي الأوضاع التي زادت من حدتها العولمة والمرونة والهشاشة.
السيد الوزير
صحيح أن بلادنا تتوفر اليوم على القانون 103.13 لمحاربة العنف ضد النساء، بالإضافة طبعا للقانون الجنائي ومدونة الشغل، غير أن هذه القوانين تظل غير كافية لحماية العاملات والعمال في مواقع العمل،فالقانون 103.13 مثلا يعرف العديد من النقائص لكونه لا يجرم مختلف أنواع العنف الممارس على المرأة العاملة في فضاءات العمل، ويتجاهل آليات الحماية والوقاية…
نفس النقائص بالنسبة لمدونة الشغل التي تكتفي باعتبار التحرش الجنسي خطأ جسيما دون تجريمه ودون أن يترتب على ذلك جزاءات قانونية.ما يدل على أن هذه الظاهرة تتطلب مستويات دقيقة من التأطير و التجريم والحماية القانونية.
السيد الوزير بعد الإصدار يبقى تصديق الدول على هذه الاتفاقية الرهان الأكبر في هذه المعركة الحقوقية. واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذها.
إن كسب رهان المرحلة يفرض على بلادنا التسريع بالتصديق على الاتفاقية لتدخل حيز التنفيذ في أقرب الآجال، ووضع كل التدابير و الاجراءات الاستباقية لتهيئ الشروط الضرورية لتنزيل مضامينها وما يتطلبه ذلك من القيام ببحوث ودراسات ميدانية لإحصاء الظاهرة والوقوف عند حجمها الحقيقي ومظاهرها المتعددة، ومراجعة القوانين الوطنية لملاءمتها مع مضامين الاتفاقية،
فمن شأن تنفيذ مضامين هذه الاتفاقية خلق جو عمل لائق أكثر أمناً للنساء والرجال وصونا لكرامتهم إذ دون كرامة في العمل لا حقوق شغلية و لا عدالة اجتماعية.