في موقف تصعيدي لها، ضمن محطات نضالية كبرى، قررت نقابات قطاع البريد الأكثر تمثيلية (الاتحاد المغربي للشغل، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل) تنفيذ إضراب إنذاري لمدة 24 ساعة يوم الجمعة 25 أبريل 2014، مصحوبا بوقفة احتجاجية مركزية أمام المديرية العامة بالرباط. في لقاء خاص مع «الوطن الآن»، يكشف نورالدين سُليك، الكاتب العام للجامعة الوطنية للبريد واللوجستيك، دواعي القرار وبواعثه. ويميط اللثام عن بؤر التوتر والتصدع في العلاقة الشغلية بين بريد المغرب والنقابات الثلاث.
حاوره: عبد الرحيم الحطابي
+ قررتم في «ا.م.ش» بتنسيق مع «ك.د.ش»، و«ف.د.ش»، تنفيذ إضراب وطني إنذاري لمدة 24 ساعة يوم الجمعة 25 أبريل الجاري، هل القرار جاء بعد استنفاذ تنظيماتكم كافة آليات الحوار مع الإدارة، أم أن القرار ينطوي على خلفيات غير مصرح بها؟
– دعني أقول، إن كافة القرارات والمواقف النضالية التي خضناها في إطار تنسيقي نقابي مع إخواننا في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، ونخوضها اليوم، لم تكن في لحظة ما نتيجة حسابات أو خلفيات بعيدة عن قضايا وانشغالات البريديات والبريديين. ثم إننا، وهذا أمر تدركه جيدا إدارة البريد والوزارة المعنية، لا نلجأ إلى قرار إضراب وطني إلا بعد أن نصل إلى الباب المسدود مع الإدارة، تصبح معه حقوقنا الاجتماعية والأدبية والمستقبل المهني لشغيلة القطاع محط استهداف مباشر.
+ لكن المعلومات المتوفرة لدينا تقول إن الإدارة لا تتهرب من الحوار، وأنكم كنتم في لقاء معها صبيحة الأربعاء الماضي، فلماذا إذن هذا التصعيد في المواقف؟
– (مقاطعا) «العبرة بالنتيجة» (يكررها مرتين).. ماذا يفيد أن نقضي فترة في الجلوس إلى مائدة الحوار ونخرج صفر اليدين. الحوار الحقيقي والجاد هو الذي يفضي في خاتمته إلى توافق بشأن مختلف القضايا المطروحة على طاولة النقاش، ويعمل على تذويب مسافة الخلاف والنزاع بالاستجابة للمطالب المستعجلة التي تقدمنا بها كنقابات. وبالمناسبة، فإن جميع مطالبنا ليست تعجيزية، بل إننا نستحضر في مضامينها جميع الأبعاد والاعتبارات والإكراهات، سواء تعلق الأمر بالجانب الاجتماعي أو التنظيمي أو التدبيري. إذا لا مجال للمزايدة على قضايانا ومطالبنا، وكل تأويل لها من قبل أي جهة، مهما كانت، نعتبره تأويلا مغرضا ومشوشا على نضالات شغيلة هذا القطاع المتجذرة تاريخيا في الحركة النقابية ببلادنا.
+ ما طبيعة النزاع أو القضايا التي دفعتكم إلى الدعوة إلى الإضراب؟
– يجب أن أوضح مسألة أساسية، وهي أن المشرع المغربي من خلال مدونة الشغل، ألزم أرباب الشغل (دولة، مؤسسات عمومية، قطاع خاص) الدخول في تفاوض مع النقابات في القضايا ذات الطابع الإستراتيجي، سواء في شقها الاقتصادي أو الهيكلي أو في ما يتعلق بتدبير الموارد البشرية، وكل الاستراتيجيات الكبرى. ما يجري عندنا، هو أن المؤسسة تعمل على تطبيق سياستها المرتبطة بالمجال الأجري، أو النظامي، أو الهيكلي، دون الرجوع إلينا، وذلك على الرغم من أننا في عهد الحكومة السابقة (يعني عباس الفاسي)، لما كانت تنوي خوصصة بريد المغرب عن طريق مشروع قانون 07.08 فرضنا، بعد نضالات وحدوية، توافقا يتم بموجبه تحويل بريد المغرب من مؤسسة عمومية إلى شركة وطنية، على أن لا يفتح رأسمالها إلا في وجه الرأسمال العمومي، وأن لا يدخل القطاع الخاص وطنيا أو أجنبيا في عملية الرسملة. التوافق تم، أيضا، على أساس تحصين والحفاظ على الوحدة الهيكلية والنظامية والأجرية لكافة البريديات والبريديين داخل مجموعة بريد المغرب.
+ هذه قضايا عامة، نريد تحديدا مدققا؟
– هناك إقدام إدارة مجموعة بريد المغرب على خرق الضوابط القانونية كما هو منصوص عليها في النظام الأساسي، وذلك من خلال عملها على تقسيم لوائح الترقية إلى مجموعتين، وخلقها بالموازاة مع ذلك شركات تابعة لها لا تحترم فيها الوحدة النظامية والأجرية للمستخدمين، وإقدامها على بيع 20 في المائة من أسهمها في بنك البريد لصندوق الإيداع والتدبير في سرية تامة، وتحت دواعي غير مبررة وواضحة. هذا إلى جانب تهديد المستقبل الشغلي للبريديات والبريديين من خلال مخططات شركات المناولة، حيث اكتشفنا أنها تسعى إلى تفكيك مجموعات العمل.
+ لكن أليس من حق المؤسسة أن تدبر إستراتيجية التسيير وفق تصور تراه من جانبها ناجعا وفعالا ويستجيب وإكراهات المرحلة وخصوصيتها؟
– ليس الأمر بهذه الصورة تماما، لأن ما تسعى الإدارة إلى تطبيقه من مخططات بهذا الشأن، نعتبره خرقا للمقتضيات القانونية والاتفاقات والأعراف المعمول بها في مجال الشغل. حيث لم يتم استشارتنا كنقابات عند لجوئها إلى توظيف أجراء مقاولة التشغيل المؤقت أو المناولة ومزاولتها لعمل يدخل في صميم اختصاص القطاع. وحيث نجد أن البريد بنك، وهو فرع لبريد المغرب، يسعى لتشغيل الأطر الشابة عن طريق «الأنابيك»، دون استفادة هذه الفئة من كافة حقوقها الاجتماعية والاقتصادية الأساسية. وجه المفارقة هنا، أن البريد بنك يشغل الأطر العليا عن طريق عقد شغل بأجر يتجاوز الـ 50 ألف درهم، في حين يريد أن يشغل الأطر الدنيا بأجر في حدود الـ 2000 درهم.
+ تتحدث بعض الأوساط البريدية عن استهداف الإدارة، اللجن الإدارية المتساوية الأعضاء، ما صحة هذا الكلام؟
– هذا كلام صحيح، فقد سعت مجموعة بريد المغرب جاهدة إلى تمزيق هذه الوحدة وهذه التمثيلية عن طريق تنظيم مجالس تأديبية، ومحاولة عقد اجتماعات للبث في لوائح الترقية بشكل غير وحدوي. لذلك، فإنه لم يعد لنا كنقابات من خيار لمواجهة الهجمة المنظمة على حقوق ومكتسبات شغيلتنا سوى تنفيذ برنامجنا النضالي، ومحطته الأولى يوم الجمعة 25 أبريل إلى أن يتم الوصول إلى توافقات تكون وفية لروح ومبادئ وقانون 07.08، وروح وميثاق أصيلة 2011.
نقلا عن الزملاء في أنفاس بريس