في إطار الحملة الدولية التي يقوم بها الاتحاد الدولي للنقابات دفاعا عن حق الإضراب، نظم الاتحاد المغربي للشغل ندوة وطنية يوم الأربعاء 18 فبراير 2015 بمقره المركزي بالدار البيضاء تحت شعار:
” حق الإضراب جزء لا يتجزأ من الحقوق والحريات النقابية “
افتتحت الندوة بكلمة توجيهية للأمين العام الأخ الميلودي المخاريق، أكد من خلالها بأن حق الإضراب حق منصوص عليه في الدستور منذ نسخته الأولى ، مسجلا أن الحكومة تسعى إلى استهدافه من خلال الإعداد لمشروع تكبيلي جديد للإضراب ، لتضييق مجال ممارسة هذا الحق الأساسي. كما أكد الأمين العام أن الاتحاد المغربي للشغل ، يلتزم بالدفاع عن هذا الحق الذي انتزعته الطبقة العاملة المغربية بفضل نضالاتها و تضحياتها الجسام عبر تاريخ الحركة النقابية، بصفته قيمة من قيم الديمقراطية وأداة من أدوات تحقيق التقدم الاجتماعي .
وقدم الأستاذ عبد العزيز العتيقي عرضا حول “ حق الإضراب في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ” أبرز من خلاله أن حق الإضراب هو جوهر الحقوق والحريات النقابية، ويرتبط أساسا بحق التفاوض، مشيرا أن هذا الحق له علاقة جدلية بالحريات العامة كما تنص عليها المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
وقد أغنت الأخت آمال العمري الندوة بمداخلة حول ” دور منظمة العمل الدولية في تركيز حق الإضراب وحمايته ” حيث وقفت على محاولة التراجع على آليات الإشراف المتعلقة بتطبيق مقتضيات معايير العمل الدولية، من خلال استهداف آليات اشتغال مؤسسات ولجان عمل منظمة العمل الدولية، نتيجة الهجوم الشرس وغير المسبوق الذي يخوضه أرباب العمل بتواطئ مع بعض الحكومات.
ووقف الأخ البشير الحسيني على موضوع “حق الإضراب بين المشروعية الدستورية والممارسة” مستعرضا أهم المراحل التاريخية لممارسة حق العمل النقابي، وأهم التشريعات الدستورية في هذا الباب، موضحا المعيقات القانونية والتدابير التي من شأنها عرقلة وكبح الحق في الإضراب.
وفي المداخلة الأخيرة تناول الأخ محمد حيتوم، بالتحليل المفصل للمواقف الثابتة للاتحاد المغربي للشغل من محاولات تكبيل حق الإضراب، مقدما قراءة نقدية عميقة لجل مضامين مشاريع القانون التنظيمي للإضراب.
وخلال مناقشتهم لمحاور المداخلات وللمشاريع المطروحة في الساحة، سجل مناضلو و مناضلات الاتحاد المغربي للشغل المشاركون في الندوة الملاحظات التالية :
على مستوى المقتضيات الزجرية :
- استمرار الفصل 288 من القانون الجنائي في تجريم العمل النقابي ، وهو ما يعتبر السلاح الأساسي لأرباب العمل من أجل ضرب حق الإضراب .
- حرمان الموظفين من ممارسة حق الإضراب بسبب الفصل الخامس من مرسوم فبراير 1958 حول ممارسة الموظفين للحق النقابي.
على مستوى الممارسة :
- طرد العمال المضربين بافتعال أخطاء جسيمة، أو بتجريم الإضراب تحت ذريعة عرقلة حرية العمل.
- تشغيل عمال جدد مكان العمال المضربين .
- تهريب السلعة والآليات من المؤسسة المضربة إلى مؤسسة أخرى لإفراغ سلاح الإضراب من مضمونه .
- إغلاق المؤسسات ، في وجه العمال المضربين خارج نطاق القانون .
- تسخير ميليشيات لتكسير الإضراب بالعنف .
- تدخل السلطة باستعمال العنف أحيانا، ضد المضربين خاصة عند قيامهم باعتصام داخل أو خارج المعمل .
وبعد نقاش مستفيض للموضوع من مختلف زواياه، وبالرجوع للسياق العام الموسوم بالهجوم على مختلف مكاسب الطبقة العاملة أكد المشاركون في الندوة الوطنية حول حق الإضراب ما يلي :
- إن حق الإضراب جزء لا يتجزأ من الحقوق والحريات النقابية الأساسية ومن منظومة حقوق الإنسان، وهو حق تضمنه الدساتير المغربية منذ دستور 1962.
- ضرورة استحضار أن هذا الحق هو مكتسب تاريخي في بلادنا، انتزعته الطبقة العاملة بفضل نضالاتها ضد الاستعمار، وكرسته طيلة عقود عهد الاستقلال .
- ضمان حق الإضراب لأجراء القطاع الخاص والقطاع العمومي على حد سواء ، وعدم الحد منه إلا في حالات محدودة ومحددة، وفي أوضاع مرتبطة بممارسة سلطة الدولة.
- الإقرار بمشروعية الإضرابات التضامنية وقطع الطريق أمام السلطة الإدارية لمنع اللجوء إلى الإضراب إلا في نطاق القانون .
- إقرار الحماية الفعلية والملائمة للمأجورين ولممثليهم النقابيين قبل وأثناء وبعد الإضراب.
- إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي اعتمادا على تصور سليم لحرية العمل.
- إلغاء المادة الخامسة من مرسوم فبراير 1958 حول ممارسة الموظفين للحق النقابي.
- المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية و إدماج مقتضياتها في التشريع المغربي ، و هو ما يفترض وضع مقتضيات قانونية للاعتراف بالتنظيم النقابي على مستوى المقاولة ، وحماية الممثلين النقابيين من التمييز و القمع .
- مأسسة الحوار الاجتماعي وإلزامية التفاوض وإبرام اتفاقيات جماعية في كل المقاولات .
- إلزامية احترام بنود مدونة الشغل .
- خلق جبهة وطنية اجتماعية من أجل الدفاع عن الحريات العامة .
- اعتبار حق الإضراب حق تضمنه المواثيق و المعاهدات الدولية باعتباره حق مرتبط بالحرية النقابية، كما تحميه اتفاقيات الأمم المتحدة و مواثيقها المتعلقة بحقوق الإنسان .
- معالجة أسباب الإضراب وتلبية المطالب العمالية، هو السبيل الأفضل لبناء علاقات مهنية واجتماعية متكافئة، وتحقيق سلم اجتماعي حقيقي
على المستوى الدولي:
- التأكيد على أن حق الإضراب جزئ لا يتجزأ من الحرية النقابية، يجد مصدره في الاتفاقية الدولية 87 لمنظمة العمل الدولية.
- التشبث بآليات الإشراف لمنظمة العمل الدولية والمتعلقة بتطبيق معايير العمل الدولية
- مناشدة الحكومة المغربية لمناصرة الحركة النقابية في الدفاع عن حق الإضراب طبقا للمواثيق الدولية، ومواجهة الهجمة الشرسة للباطرونا في محاولتها للتأويل الضيق والحاد من الحرية النقابية، والتراجعي لآليات منظمة العمل الدولية.
وفي الختام، عبر أطر ومناضلو الاتحاد المغربي للشغل المشاركون في الندوة الوطنية للدفاع عن ممارسة حق الإضراب عن استعدادهم الكامل، واستعداد منظمة الاتحاد المغربي للشغل للدفاع المستمر والمستميت عن هذا الحق المكفول في مختلف التشريعات الوطنية والدولية والمكتسب عبر تضحيات أجيال من المناضلين والمقاومين المغاربة، حين كان هذا السلاح آلية أساسية للنضال من أجل طرد المستعمر وتحقيق الإستقلال.